التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

{ قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } قدم الاستغفار على طلب الملك لأن أمور الدين كانت عندهم أهم من الدنيا فقدم الأولى والأهم ، فإن قيل : لأي شيء قال لا ينبغي لأحد من بعدي ، وظاهر هذا طلب الانفراد به حتى قال فيه الحجاج : إنه كان حسودا ؟ فالجواب من وجهين :

أحدهما : أنه إنما قال ذلك لئلا يجري عليه مثل ما جرى من أخذ الجني لملكه ، فقصد أن لا يسلب ملكه عنه في حياته ويصير إلى غيره والآخر : أنه طلب ذلك ليكون معجزة ودلالة على نبوته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

قوله : { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي } أي استر علي ذنبي الذي فعلت { وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } أي اعطني من الملك ما ليس لأحد من بعدي . أو لا يُسلب منى كم سُلب { إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } الله الذي يهب الملك لمن يشاء من عباده وهو سبحانه بيده مقاليد كل شيء .

وإذا قيل : كيف يطلب سليمان الدنيا مع ذمِّها من الله تعالى ؟ . أجيبَ بأن المراد بسؤاله الملك أن يتمكن به من أداء حقوق الله وإقامة حدوده وإنفاذه شرعه وأحكامه وتعظيم شعائره . ولا يتحقق ذلك إلا من جهة السلطان ؛ فإنه بهيبته وجاهِهِ وبما لديه من قوة الدولة وسلطانها وعزها وعساكرها ، تسير الأمور والأحوال في ظل شريعة سيرا موصولا مستقيما وعلى ما يُرام .