السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

لما { قال رب اغفر لي } . أجيب : بأن الإنسان لا ينفك عن ترك الأفضل وحينئذ يحتاج إلى طلب المغفرة لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين ، ولأنه أبداً في مقام هضم النفس وإظهار الندم والخضوع كما قال صلى الله عليه وسلم : «إني لأستغفر الله تعالى في اليوم والليلة سبعين مرة » مع أنه صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلا يبعد أن يكون المراد من هذه الكلمة هذا المعنى واختلف في قول سليمان عليه السلام { وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي } أي : { فمن يهديه من بعد الله } ( الجاثية : 23 ) أي : سوى الله فقال عطاء بن أبي رباح : يريد هب لي ملكاً لا تسلبنيه في باقي عمري { إنك أنت الوهاب } وقال مقاتل : إن الشيطان لما استولى على ملكه طلب أن يعطيه الله ملكاً لا يقدر الشيطان على أن يقوم فيه مقامه البتة وقال : من أنكر أن الشيطان لم يستول على ذلك أن ذلك محتمل لوجوه ؛ الأول : أن الملك هو القدرة فكان المراد أقدرني على أشياء لا يقدر عليها غيري البتة ليصير اقتداري عليها معجزة تدل على صحة نبوتي ورسالتي .