فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

{ قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب } : سأل سليمان ربه الغفران ، فإن مخالفة الأولى في حق الأنبياء مما يستغفر منه فنوح صلى الله عليه وسلم وهو أول أولي العزم من الرسل لما سأل المولى سبحانه : { رب إن ابني من أهلي . . } ونودي من الله جل علاه : { . . فلا تسألني ما ليس لك به علم . . } قال ما حكاه عنه الكتاب العزيز : { . . رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين } ودعا سليمان أن يهبه ربنا الغني الوهاب ملكا عظيما لا يتاح لأحد ممن سيأتي إلى آخر الزمان .

يقال : كيف أقدم سليمان على طلب الدنيا ، مع ذمها من الله تعالى ، وبغضه لها ، وحقارتها لديه ؟ فالجواب أن ذلك محمول عند العلماء على أداء حقوق الله تعالى ، وسياسة ملكه ، وترتيب منازل خلقه ، وإقامة حدوده ، والمحافظة على رسومه ، وتعظيم شعائره ، وظهور عبادته ، ولزوم طاعته ، ونظم قانون الحكم النافذ عليهم منه .