فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (35)

أي اغفر لي ما صدر عني من الذنب الذي ابتليتني لأجله . ثم لما قدّم التوبة ، والاستغفار جعلها وسيلة إلى إجابة طلبته ، فقال : { وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأحَدٍ مّن بَعْدِى } قال أبو عبيدة : معنى لا ينبغي لأحد من بعده : لا يكون لأحد من بعدي .

وقيل المعنى : لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني بعد هذه السلبة ، أو لا يصح لأحد من بعدي لعظمته ، وليس هذا من سؤال نبيّ الله سليمان عليه السلام للدنيا ، وملكها ، والشرف بين أهلها ، بل المراد بسؤاله الملك : أن يتمكن به من إنفاذ أحكام الله سبحانه ، والأخذ على يد المتمرّدين من عباده من الجنّ والإنس ، ولو لم يكن من المقتضيات لهذا السؤال منه إلا ما رآه عند قعود الشيطان على كرسيه من الأحكام الشيطانية الجارية في عباد الله ، وجملة : { إِنَّكَ أَنتَ الوهاب } تعليل لما قبلها مما طلبه من مغفرة الله له وهبة الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، أي : فإنك كثير الهبات عظيم الموهوبات .

/خ40