التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ قَالُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (10)

{ أفي الله شك } المعنى أفي وجود الله شك أو أفي إلهيته شك ، وقيل : في وحدانيته ، والهمزة للتقرير والتوبيخ لأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة ، ولذلك وصفه بعد بقوله : { فاطر السماوات والأرض } .

{ من ذنوبكم } قيل : إن { من } زائدة ، ومنع سيبويه زيادتها في الواجب وهي عنده للتبعيض ، ومعناه : أن يغفر للكافر إذا أسلم ما تقدم من ذنبه قبل الإسلام ، ويبقى ما يذنب بعده في المشيئة فوقعت المغفرة في البعض ولم يأت في القرآن غفران بعض الذنوب إلا للكافر كهذا الموضع ، والذي في الأحقاف وسورة نوح وجاء للمؤمنين بغير من كالذي في الصف .

{ ويؤخركم إلى أجل مسمى } قال الزمخشري : وأهل مذهبه من المعتزلة : معناه : يؤخركم إن آمنتم ، إلى آجالكم ، وإن لم تؤمنوا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت ، وهذا بناء على قولهم بالأجلين ، وأهل السنة يأبون هذا فإن ، الأجل عندهم واحد محتوم .

{ قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا } يحتمل أن يكون قولهم استبعادا لتفضيل بعض البشر على بعض بالنبوة أو يكون إحالة لنبوة البشر ، والأول أظهر لطلبهم البرهان في قولهم فأتونا بسلطان مبين ولقول الرسل ، ولكن الله من على من يشاء من عباده أي : بالتفضيل بالنبوة .