التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّـٰتٖۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِۚ ثَلَٰثُ عَوۡرَٰتٖ لَّكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَلَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّـٰفُونَ عَلَيۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (58)

{ ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } قيل : المراد بالذين ملكت أيمانكم : الرجال خاصة ، وقيل : النساء خاصة ، لأن الرجال يستأذنون في كل وقت وقيل : الرجال والنساء . { والذين لم يبلغوا الحلم } : يعني الأطفال غير البالغين .

{ ثلاث مرات } نصب على الظرفية لأنهم أمروا بالاستئذان في ثلاثة مواطن ، فمعنى الآية أن الله أمر المماليك والأطفال بالاستئذان في ثلاثة أوقات ، وهي قبل الصبح وحين القائلة وسط النهار ، وبعد صلاة العشاء الأخيرة ، لأن هذه الأوقات يكون الناس فيها متجردين للنوم في غالب أمرهم ، وهذه الآية محكمة ؛ وقال ابن عباس : ترك الناس العمل بها ، وحملها بعضهم على الندب .

{ تضعون ثيابكم } : يعني تتجردون .

{ الظهيرة } وسط النهار .

{ ثلاث عورات } جمع عورة من الانكشاف كقوله : { بيوتنا عورة } [ الأحزاب :13 ] ، ومن رفع ثلاث فهو خبر ابتداء مضمر تقديره هذه الأوقات ثلاث عورات لكم أي : تنكشفون فيها ، ومن نصبه فهو بدل من ثلاث مرات .

{ ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن } هذا الضمير المؤنث يعود على الأوقات المتقدمة أي : ليس عليكم ولا على المماليك والأطفال جناح في ترك الاستئذان في غير المواطن الثلاثة .

{ طوافون عليكم } تقديره المماليك والأطفال طوافون عليكم ، فلذلك يؤمر بالاستئذان في كل وقت .

{ بعضكم على بعض } بدل من طوافين أي : بعضكم يطوف على بعض وقال الزمخشري : هو مبتدأ أي : بعضكم يطوف على بعض أو فاعل بفعل مضمر .