التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّـٰتٖۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِۚ ثَلَٰثُ عَوۡرَٰتٖ لَّكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَلَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّـٰفُونَ عَلَيۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (58)

قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم }

قال البخاري : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو وابن جريج ، عن عطاء قال : سألت ابن عباس فقلت : أستأذن على أختي ؟ فقال : نعم . فأعدت فقلت : أختان في حجري ، وأنا أمونهما وأنفق عليهما ، أستأذن عليهما ؟ قال : نعم ، أتحب أن تراهما عريانتين ؟ ثم قرأ { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } إلى قوله { ثلاث عورات لكم } فلم يؤمر هؤلاء بالإذن إلا في هذه العورات الثلاث ، قال : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم } الآية .

قال ابن عباس : فالإذن واجب . زاد ابن جريج : على الناس كلهم .

( الأدب المفرد2/502ح1063 ، ب يستأذن على أخته ) وأخرجه البيهقي في ( سننه7/97 ) من طريق : سعيد بن منصور ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار وحده ، عن عطاء به . وصحح الحافظ ابن حجر إسناده في جملة من الآثار ( فتح الباري11/25 ) . وقال الألباني : صحيح الإسناد ( صحيح الأدب المفرد رقم811/1063 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } يقول : إذا خلا الرجل بأهله بعد صلاة العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا بإذن حتى يصلي الغداة فإذا خلا بأهله عند صلاة الظهر فمثل ذلك .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : ثم رخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن يعني فيما بين الصلاة الغداة إلى الظهر وبعد الظهر إلى صلاة العشاء ، أنه رخص لخادم الرجل والصبي أن يدخل عليه منزله بغير إذن قال وهو قوله { ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن } فأما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا بإذن على كل حال .

قوله تعالى { ومن بعد صلاة العشاء . . . }

قال مسم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها ، في كتاب الله العشاء ، وإنها تعتم بحلاب الإبل " .

( الصحيح1/445ح644 وما بعده-ك المساجد ومواضع الصلاة ، ب وقت العشاء وتأخيرها . وقد جاء عند الطبري إيضاح المقصود بقوله : صلى الله عليه وسلم " فإنها في كتاب الله : العشاء " ، حيث قال : قال الله { ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم } التفسير18/163 ) .

قال أبو داود : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة : أن نفرا من أهل العراق قالوا : يا ابن عباس كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد ، قول الله عز وجل { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم } قرأ القعبني إلى { عليم حكيم } -قال ابن عباس : إن الله حليم رحيم بالمؤمنين ، يحب الستر ، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجَال ، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل والرجل على أهله ، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات ، فجاءهم الله بالستور والخير ، فلم أر أحدا يعمل بذلك بعد .

( السنن5/377ح5192 ) ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عند تفسير الآية ( ح رقم787 ) ، والبيهقي في سننه ( 7/97 ) كلاهما من طريق : سليمان بن بلال ، عن عمرو بن أبي عمرو به . وعندهما قول ابن عباس : فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به . قال ابن كثير عقبه : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ( التفسير3/303 ) ، وقال القرطبي : هذا متن حسن ( التفسير12/303 ) ، وحسنه الألباني ( صحيح سنن أبي داود رقم4324 ) ، وقال محقق ابن أبي حاتم : إسناده صحيح .

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن مقاتل بن حيان قوله { ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم } وهذا من المفروض يحق على الرجل أن يأمر بذلك من كان حرا أو عبدا أن لا يدخلوا تلك الساعات الثلاث إلا بإذن .