ثم قال : } يا أيها الذين آمنوا ليستاذنكم الذين ملكت أيمانكم }[ 56 ] .
قال{[49160]} ابن عمر{[49161]} : هي محكمة . ودل على ذلك قوله تعالى{[49162]} : } وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستاذنوا كما استذان الذين من قبلهم }[ 57 ] ، يعني البالغين ، أي ستأذن هؤلاء الأطفال إذا بلغوا على كل حال ، كما استأذن{[49163]} البالغون في كل وقت ، يعني من الرجال خاصة .
وقيل{[49164]} : عني به من مَلَكْتَهُ من الرجال والنساء ألا{[49165]} يدخل عليك في هذه الثلاثة الأوقات إلا بإذن .
وقوله : } والذين لم يبلغوا الحلم منكم }[ 56 ] ، يعني من{[49166]} لم يحتلم من الأحرار .
ثم قال : } ثلاث مرات }[ 56 ] ، أي : في ثلاث مرات ، يعني : بالمرات ثلاث{[49167]} أوقات . ثم بين الثلاث أوقات متى{[49168]} هن فقال : } من قبل صلاة الفجر }[ 56 ] ، إلى قوله : } صلاة العشاء }[ 56 ] ، ولو حُمل الكلام على ظاهره لوجب ألا يدخل إلا بعد استئذان{[49169]} ثلاث مرات ، وليس الأمر كذلك إنما هو إذن واحد .
قال{[49170]} ابن عباس : إن الله رفيق حليم{[49171]} رحيم بالمؤمنين يحب السترة عليهم ، وكان القوم ليس لهم ستور ولا حجال{[49172]} ، فربما{[49173]} دخل الخادم والولد واليتيم{[49174]} على الرجل ، وهو مع أهله في حال جماع ، فأمر الله تعالى{[49175]} بالاستئذان في هذه الأوقات الثلاث ، ثم جاء الله باليسر وبسط في{[49176]} الرزق فاتخذ{[49177]} الناس الستور والحجال ، فرأى الناس ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به . وعنه أنه قال : الآية محكمة ، والعمل بها لازم ، ولكن الناس لا يعملون بها .
وقيل : إنما أمروا بالاستئذان لأنها أوقات يُتجرد فيها من الثياب ، وتنكشف العورات ، ودلت الآية على أن البالغين من ذوي{[49178]} المحارم عليهم الاستئذان في هذه الأوقات ، وفي غيرها ، وهؤلاء المذكورون في الآية إنما يستأذنون في هذه الأوقات خاصة .
وقال{[49179]} ابن المسيب : هي{[49180]} منسوخة : لا يُعمل بها اليوم . يعني أن الأبواب قد صنعت{[49181]} ، والستور قد منعت من دخول{[49182]} هؤلاء وغيرهم{[49183]} على الإنسان ، ودل على ذلك ما قال ابن عباس .
قال ابن عباس{[49184]} : جاء الله باليسر ، وبسط الرزق فاتخذ الناس الستور والحجال ، فرأى الناس ذلك قد{[49185]} كفاهم من الاستيذان الذي أمروا به{[49186]} . فكأنها على هذا القول ندب .
ثم قال{[49187]} : } ثلاث عورات لكم }[ 56 ] ، من نصب{[49188]} ثلاث رده على ثلاث مرات .
وقيل{[49189]} : هو ظرف / والتقدير أوقات ثلاث عورات ، والرفع على الابتداء وما بعده الخبر ، والعورات الساعات التي تكون فيها العورة ، والخلوة سميت عورة لكون ظهور العورة فيها ، كما قالوا : ليلك نائم : لكون النوم فيه .
وقيل{[49190]} : التقدير : ثلاث أوقات ظهور عورات .
ثم قال : } ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن }[ 56 ] ، أي : ليس عليكم معشر أهل البيوت ولا على الذين ملكت أيمانكم من الرجال والنساء ، والذين لم يبلغوا الحلم من أولادكم الصغار إثم في الدخول عليكم بغير استئذان بعد الأوقات . وهذا يدل على أن على الموالي من الاستئذان في الدخول على العبيد في هذه الأوقات ، مثل ما على العبيد لقوله تعالى : } ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن }[ 56 ] ، أي : بعد هذه الأوقات في الدخول حرج . ويدل عليه أيضا قوله : } طوافون عليكم بعضكم على بعض }[ 56 ] ، أي : يطوفون عليهم ، كما يطوفون عليكم في هذه الأوقات ، فعليكم من الاستئذان مثل ما عليهم . لكن خص الله الموالي بالخطاب والذكر ، لأنهم هم الذين عرفت لهم الخدمة من عبيدهم .
ثم قال تعالى : } طوافون عليكم }[ 56 ] ، أي : هؤلاء المماليك والصبيان الصغار : طوافون عليكم : أي يدخلون ويخرجون على مواليهم وأقربائهم في منازلهم غدوة وعشية بغير إذن .
وقوله : } بعضكم على بعض }[ 56 ] ، أي : يطوف بعضكم على بعض في سوى هذه الأوقات الثلاثة .
ثم قال : } كذلك يبين الله لكم الآيات{[49191]} }[ 56 ] ، أي : كما بين لكم أوقات الاستئذان كذلك يبين لكم جميع أعلامه ، وأدلته } والله عليم }[ 57 ] ، أي : ذو علم بمصالح عباده ، حكيم في تدبيره إياهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.