الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّـٰتٖۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِۚ ثَلَٰثُ عَوۡرَٰتٖ لَّكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَلَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّـٰفُونَ عَلَيۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (58)

وقوله تعالى : { المصير يا أيها الذين آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم } [ النور : 58 ] .

قيل : «الذين ملكت أيمانهم » : الرجال والنساء ، ورَجَّحَهُ الطبريُّ ، وقيل : الرجال خاصة ، وقيل : النساء خاصَّةً ، ومعنى الآية عند جماعة من العلماء : أَنَّ اللّه تعالى أَدَّبَ عباده بأنْ يكونَ العبيدُ والأَطفَالُ الذين عقلوا معاني الكَشَفَةِ ونحوها يستأذنون على أهليهم في هذه الأوقات الثلاثِة ، وهي الأوقات التي تقتضي عادَةُ الناس الانكشافُ فيها وملازَمَةُ التَّعَرِّي في المضاجع ، وهي : عند الصباح ، وفي وقت القائلة وهي الظهيرة لأَنَّ النهار يظهر فيها إذا علا واشْتَدَّ حَرُّهُ ، وبعدَ العشاء لأَنَّهُ وقتُ التعرِّي للنوم ، وأما في غير هذه الأوقات ، فالعُرْفُ من الناس التَّحَرُّزُ والتَّحَفُّظُ فلا حرجَ في دخول هذه الصنيفة بغير إذن إذ هم طَوَّافون يمضون ويجيئون ، لا يجد الناس بُدّاً من ذلك .

وقوله : { بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ } بدل من قوله : { طوافون } و{ ثلاث مرات } نُصِبَ على الظرف لأَنَّهم لم يُؤْمروا بالاستئذان ثلاثاً وإنَّما أُمِروا بالاستئذان في ثلاث مواطنَ ، فالظرفية في ثلاث بَيِّنة .

وقوله سبحانه : { وكذلك يُبَيِّنُ الله لَكُمْ الآيات والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ } بين للمتأمل .