جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّـٰتٖۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِۚ ثَلَٰثُ عَوۡرَٰتٖ لَّكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَلَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّـٰفُونَ عَلَيۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (58)

{ يَا أَيُّهَا{[3562]} الَّذِينَ{[3563]} آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } : من العبيد والإماء نزلت لما دخل{[3564]} غلام أسماء بنت أبي مرثد عليها في وقت كرهته ، أو لما دخل{[3565]} على عمر غلام وقت الظهيرة وهو نائم منكشف عنه ثوبه ، قيل هذا رجوع إلى تتمة الأحكام السابقة بعد الفراغ عن الآيات الدالة على وجوب الطاعة فيما سلف من الأحكام وغيره ، ووعد عليها على الإعراض عنها ، { وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ } : من الأحرار ، { ثَلَاثَ مَرَّاتٍ } : في اليوم والليلة ، { مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ } ، بدل من ثلاث مرات ، أو تقديره هي من قبل صلاة الفجر ، { وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم } : لأجل القيلولة ، { مِّنَ الظَّهِيرَةِ } ، بيان للحين ، { وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء } : الآخرة ، { ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ } ، أي : هذه الأوقات ثلاث أوقات عورات سمي هذه الأوقات عورات ، لأن الناس يختل فيها تسترها ، والعورة الخلل ، وقراءة نصب ثلاث بالبدلية من ثلاث مرات ، { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ } : في ترك الاستئذان ، { بَعْدَهُنَّ } ، بعد هذه الأوقات والآية السابقة في الأحرار البالغين ، وهذه في المماليك{[3566]} والصبيان ، { طَوَّافُونَ } ، أي : هم طوافون ، { عَلَيْكُم{[3567]} } ، استئناف يبين العذر في ترك الاستئذان في غير تلك الأوقات ، { بَعْضُكُمْ } : طائف ، { عَلَى بَعْضٍ } ، أو تقديره يطوف بعضكم على بعض فيكثرون التردد لحوائجكم ، فيغتفر فيهم ما لا يغتفر في غيرهم ، { كَذَلِكَ } : مثل ذلك التبيين ، { يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ } : بأحوالكم ، { حَكِيمٌ } : فيما أمركم ،


[3562]:ولما كانت السورة معقودة لبيان أحكام العفاف، والستر بين بعض أحكامه وفي خلالها أثبت نصائح ومواعظ استطرادا للدلالة على وجوب الطاعة فيما سلف من الأحكام وغيره، ووعد علي امتثالها وأوعد على الإعراض، ثم رجع إلى المقصود، ومن المعقود من السورة فقال: {يا أيها الذين آمنوا} الآية / 12 وجيز.
[3563]:المراد خطاب الرجال والنساء غلب فيه الرجال / 12 منه.
[3564]:قاله مقاتل ببن حيان / 12 منه.
[3565]:نقله محيي السنة عن ابن عباس /12 منه.
[3566]:فلا تكون ناسخة للآية الأولى، وعن ابن عباس أن الناس ليس لهم ستور على أبوابهم، ولا حجال فربما فاجأ الرجل والده أو خادمه، وهو على أهله فأمرهم الله بالاستئذان، ثم بسط الله عليهم في الرزق فاتخذوا السنور والحجال، فرأي الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان فتهاونوا وتركوا العمل بتلك الآية /12 منه.
[3567]:والظاهر أن السرية خارجة من هذا الحكم إلا أن يكون لسيدها زوجة أو سرية أخرى وتكون عنده /12 وجيز.