تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (92)

{ قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } يقول : لا تأنيب عليكم ولا عَتْب عليكم اليوم ، ولا أعيد{[15286]} ذنبكم في حقي بعد اليوم .

ثم زادهم الدعاء لهم بالمغفرة فقال : { يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }

قال السدي : اعتذروا إلى يوسف ، فقال : { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } يقول : لا أذكر لكم ذنبكم .

وقال ابن إسحاق والثوري : { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ [ الْيَوْمَ ] } {[15287]} أي : لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم { يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ } أي : يستر الله عليكم فيما فعلتم ، { وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }


[15286]:- في ت ، أ : "ولا أعيد عليكم".
[15287]:- زيادة من ت ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (92)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قال يوسف لإخوته : لا تَثْرِيبَ يقول : لا تغيير عليكم ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحُرْمة وحقّ الأخوّة ، ولكن لكم عندي الصفح والعفو .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُم لم يثرّب عليهم أعمالهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزّبير ، قوله : لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ قال : قال سفيان : لا تغيير عليكم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ : أي لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : اعتذروا إلى يوسف ، فقال : لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يقول : لا أذكر لكم ذنبكم .

و قوله : يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ وهذا دعاء من يوسف لإخوته بأن يغفر الله لهم ذنبهم فيما أتوا إليه وركبوا منه من الظلم ، يقول : عفا الله لكم عن ذنبكم وظلمكم ، فستره عليكم وَهُوَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ يقول : والله أرحم الراحيم لمن تاب من ذنبه وأناب إلى طاعته بالتوبة من معصيته . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : يَغْفُر اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أرْحَمُ الرّاحِمينَ حيث اعترفوا بذنبهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (92)

لذلك أعلمهم بأن الذنب قد غفر فرفع عنهم الذم فقال : { لا تثريب عليكم } .

والتثريب : التوبيخ والتقريع . والظاهر أن منتهى الجملة هو قوله : { عليكم } ، لأن مثل هذا القول مِمّا يجري مجرى المثل فيُبنى على الاختصار فيكتفي ب { لا تثريب } مثل قولهم : لا بأس ، وقوله تعالى : { لا وزر } [ القيامة : 11 ] .

وزيادة { عليكم } للتأكيد مثل زيادة { لَك } بعد ( سقياً ورعياً ) ، فلا يكون قوله : { اليوم } من تمام الجملة ولكنه متعلق بفعل { يغفر الله لكم } .

وأعقب ذلك بأن أعلمهُم بأن الله يغفر لهم في تلك الساعة لأنها ساعة توبة ، فالذنب مغفور لإخبار الله في شرائعه السالفة دون احتياج إلى وحي سوى أن الوحي لمعرفة إخلاص توبتهم .

وأطلق { اليوم } على الزمن ، وقد مضى عند قوله تعالى : { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم } في أول سورة العقود ( 3 ) .