{ قال لا تثريب } التثريب التعبير والتوبيخ أي لا لوم { عليكم اليوم } قال الأصمعي : ثربت عليه قبحت عليه فعله ، وقال الزجاج : المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحق الأخوة ولكم عندي الصفح والعفو ، وأصل التثريب الإفساد وهي لغة أهل الحجاز وقال ابن الأنباري معناه قد انقطع عنكم توبيخي عند اعترافكم بالذنب .
قال ثعلب : ثرب فلان على فلان إذا عدد عليه ذنوبه وأصل التثريب من الثرب وهو الشحم الذي هو غاشية الكرش ، ومعناه إزالة التثريب كما أن التجليد والتقريع إزالة الجلد والقرع أي لا تثريب مستقر أو ثابت عليكم .
وقد جوز الأخفش الوقف على { عليكم } فيكون اليوم متعلقا بالفعل الذي بعده وقد ذكر مثل هذا ابن الأنباري عن عكرمة قال لا تثريب لا تعيير ، وأخرج أبو الشيخ عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة التفت إلى الناس فقال ماذا تقولون وماذا تظنون فقالوا : ابن عم كريم فقال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم{[971]} .
ثم دعا لهم بقوله { يغفر الله لكم } على تقدير الوقف على اليوم وهو بمنزلة التعليل أو أخبرهم بأن الله قد غفر لهم ذلك اليوم على تقدير الوقف على عليكم { وهو أرحم الراحمين } يرحم عباده رحمة لا يتراحمون بها فيما بينهم فيجازي محسنهم ويغفر لمسيئهم .
قال عطاء الخراساني : طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ ألم تر قول يوسف عليه السلام { لا تثريب عليكم اليوم } وقال يعقوب { سوف أستغفر لكم ربي } .
أقول وفي هذا الكلام نظر فإنهم طلبوا من يوسف أن يعفو عنهم لقولهم { لقد آثرك الله علينا } فقال { لا تثريب عليكم اليوم } لأن مقصودهم صدور العفو منه عنهم وطلبوا من أبيهم يعقوب أن يستغفر الله لهم وهو لا يكون إلا بطلب ذلك منه إلى الله عز وجل وبين المقامين فرق ، فلم يكن وعد يعقوب لهم بخلا عليهم بسؤال الله لهم ولا سيما إذا صح ما تقدم من أنه ذلك إلى وقت الإجابة فإنه لو طلبه لهم في الحال لم يحصل له علم بالقبول .
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال : لما كان من أمر إخوة يوسف عليه السلام ما كان كتب يعقوب إلى يوسف عليه السلام وهو لا يعلم أنه يوسف عليه السلام بسم الله الرحمان الرحيم من يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو : أما بعد فإنا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء كان جدي إبراهيم خليل الله ألقي في النار في طاعة ربه فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وأمر الله جدي أن يذبح له أبي{[972]} ففداه الله بما فداه ، وكان لي ابن وكان أحب الناس إلي ففقدته فأذهب حزني عليه نور بصري وكان له أخ من أمه كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري فأذهب على بعض وجدي وهو المحبوس عندك في السرقة وإني أخبرك لم أسرق ، ولم ألد سارقا فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب بكى وصاح قال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.