فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (92)

{ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُم } التثريب التعيير والتوبيخ أي : لا تعيير ولا توبيخ ، ولا لوم عليكم . قال الأصمعي : ثربت عليه : قبحت عليه فعله . وقال الزجاج : المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحق الأخوّة ، ولكم عندي الصلح والعفو ، وأصل التثريب : الإفساد ، وهي لغة أهل الحجاز . وقال ابن الأنباري : معناه . قد انقطع عنكم توبيخي عند اعترافكم بالذنب . قال ثعلب : ثرب فلان على فلان إذا عدّد عليه ذنوبه ، وأصل التثريب من الثرب ، وهو الشحم الذي هو غاشية الكرش ، ومعناه : إزالة التثريب ، كما أن التجليد والتقريع إزالة الجلد والقرع ، وانتصاب { اليوم } بالتثريب ، أي : لا أثرب عليكم أو منتصب بالعامل المقدّر في { عليكم } وهو مستقرّ أو ثابت أو نحوهما ، أي : لا تثريب مستقر أو ثابت عليكم . وقد جوّز الأخفش الوقف على { عليكم } فيكون : اليوم متعلق بالفعل الذي بعده . وقد ذكر مثل هذا ابن الأنباري ، ثم دعا لهم بقوله : { يَغْفِرَ الله لَكُمْ } على تقدير الوقف على اليوم ، أو أخبرهم بأن الله قد غفر لهم ذلك اليوم على تقدير الوقف على { عليكم } { وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين } يرحم عباده رحمة لا يتراحمون بها فيما بينهم فيجازي محسنهم ويغفر لمسيئهم .

/خ98