فكأنه قيل : ما قال لهم على قدرته وتمكنه مع ما سلف من إساءتهم ؟ فقيل : { قال } قول الكرام اقتداء بإخوانه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام { لا تثريب } أي لا لوم ولا تعنيف ولا هلاك { عليكم اليوم } وإن كان هذا الوقت مظنة اللوم والتأنيب{[42686]} ، فإذا انتفى ذلك فيه فما الظن بما بعده !
ومادة " ثرب " تدور على البرث{[42687]} - بتقديم الموحدة ، وهو أسهل الأرض وأحسنها{[42688]} ؛ والثبرة - بتقديم المثلثة : أرض ذات حجارة بيض ، فإنه يلزمه الإخلاد ، والدعة ، ومنه : ثابر على الأمر : داوم ، والمثبر - كمنزل : لمسقط{[42689]} الولد أي موضع ولادته ، والمقطع والمفصل ، فيأتي الكسل واللين فيأتي الفساد ، ومنه الثبور للهلاك ، والبثر{[42690]} بتقديم الموحدة : خراج معروف : والماء البثر{[42691]} : الذي بقى منه{[42692]} على الأرض شيء قليل ؛ والربث - بتقديم الموحدة أيضاً : حبس الإنسان ، وهو يرجع إلى الإقامة والدوام أيضاً ؛ والتثريب : التقرير بالذنب ، فهو{[42693]} إزالة ما على الإنسان{[42694]} من ساتر{[42695]} العفو ، من الثرب{[42696]} وهو شحم يغشى الكرش{[42697]} والأمعاء ويسترهما ، وهو من لوازم الأرض السهلة لما يلزم من خصبها ، فالتثريب إزالته ، وذلك للقحط الناشىء عنه الهلاك ، فأغلب مدار المادة الهلاك .
ولما أعفاهم من الترثيب ، كانوا في مظنة السؤال عن كمال العفو المزيل للعقاب من الله ، فأتبعه الجواب{[42698]} عن ذلك بالدعاء لهم بقوله : { يغفر الله } أي الذي له صفات الكمال { لكم } أي ما فرط منكم وما لعله يكون بعد هذا ؛ ولعله عبر في هذا الدعاء بالمضارع إرشاداً لهم إلى إخلاص{[42699]} التوبة ، ورغبهم في ذلك ورجاهم بالصفة التي هي سبب الغفران ، فقال : { وهو } أي وحده { أرحم الراحمين * } أي لجميع{[42700]} العباد ولا سيما التائب ، فهو جدير بإدرار النعم بعد الإعاذة من النقم ، وروى أنهم أرسلوا إليه أنك لتدعونا{[42701]} إلى طعامك وكرامتك بكرة وعشياً ونحن نستحي لما فرط منا ، فقال : إن أهل مصر ينظرونني{[42702]} - وإن ملكت فيهم - بعين العبودية فيقولون : سبحان من بلغ عبداً بيع{[42703]} بعشرين درهماً ما بلغ ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي ، وأني من ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.