مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (92)

{ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ } لا تعيير عليكم { اليوم } متعلق بالتثريب أو ب { يغفر } والمعنى لا أثر بكم اليوم وهو اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام ! ثم ابتدأ فقال { يَغْفِرَ الله لَكُمْ } فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم . يقال : غفر الله لك ويغفر لك على لفظ الماضي والمضارع ، أو اليوم يغفر الله لكم بشارة بعاجل غفران الله . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعضادتي باب الكعبة يوم الفتح فقال لقريش : « ما ترونني فاعلاً بكم » قالوا : نظن خيراً أخ كريم وابن أخ كريم ، وقد قدرت . فقال : « أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليك اليوم » ورُوي أن أبا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس : إذا أتيت رسول الله فاتلُ عليه { قال لا تثريب عليكم اليوم } ففعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « غفر الله لك ولمن علمك » ويُروى أن أخوته لما عرفوه أرسلوا إليه أنك تدعونا إلى طعامك بكرة وعشياً ونحن نستحي منك لما فرط منا فيك ، فقال يوسف : إن أهل مصر وإن ملكت فيهم فإنهم ينظرون إليَّ بالعين الأولى ويقولون سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ ، ولقد شرفت الآن بكم حيث علم الناس أني من حفدة إبراهيم { وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين } أي إذا رحمتكم وأنا الفقير القتور فما ظنكم بالغني الغفور ؟ ثم سألهم عن حال أبيه فقالوا : إنه عمي من كثرة البكاء قال :