( قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ ) قال القتبي : قوله : ( لا تثريب ) أي لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتم . وقال بعضهم : ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ ) أي لا تنغيص عليكم .
وقيل أصل التثريب الإفساد ؛ يقال : ثرب علينا الأمر أفسده .
وقال أبو عوسجة : التثريب الملامة ؛ يقول : لا لوم عليكم في صنيعكم . وقال ابن عباس رضي الله عنه : ( لا تثريب عليكم اليوم ) أي لا أعيركم بعد هذا اليوم أبدا ، ولا أعيده[ في الأصل وم : أعبره ] عليكم .
أحدهما : لا تعيير عليكم ، ولا ملامة ؛ أي ليس في العقل تعيير ولا ملامة إذ أتيتم ، وأقررتم بالخطأ .
وهكذا كل من أذنب ذنبا أو ارتكب كبيرة ، ثم انتزع عنها ، وثاب منها ، لا يعير هو عليه ، ولا يلام . وكذلك قيل في قوله : ( ولا تنابزوا بالألقاب )[ الحجرات : 11 ] ذكر أنهم كانوا يعيرون أهل الكفر في كفرهم ، وينابزونهم ، ثم أسلموا ، فنهوا أني ينابزوهم ، ويصنعوا بهم مثل صنيعهم بهم في كفرهم . ولو وجب التعيير والملامة بعد الانتزاع عنه والتوبة ، أو جاز[ في الأصل وم : يجوز ] ذلك لكان أصحاب رسول الله معيرين ملامين لأنهم كانوا أهل الكفر في الابتداء فهذا مما لا يحل في العقل .
والثاني قوله : ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ ) لا أعيركم على ما قال ابن عباس رضي الله عنه أي لا ذكر ما كان منكم إلينا . أمنهم عن أن يذكر شيئا مما كان منهم إليه . ولذلك قال : ( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي )[ الآية : 100 ] ذكر /257-ب/ أن الشيطان هو الذي فعل ما كان بينه وبين إخوته . وكذلك فعل حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) أضاف ذلك إلى الشيطان ولم يضف إلى إخوته .
وقوله تعالى : ( يغفر الله لكم ) قطع فيه القول بالمغفرة حين أقروا بالخطايا وثابوا عما فعلوا وهكذا كل من تاب عن ذنب ارتكبه ونزع عنه أن يقطع القول فيه بالمغفرة والرحمة .
وقوله تعالى : ( يغفر الله لكم ) يخرج على الدعاء لهم وعلى الإخبار بالوحي أنه يغفر لهم ، أو قد غفر لهم ، أو يقول : استغفروا الله [ من ][ ساقطة من الأصل وم ] الذي كان بين الله وبينكم يغفر لكم ( وهو أرحم الراحمين ) لأن كل من يرحم من الخلائق إنما يرحم برحمة منه إليه . فهو أرحم الراحمين بما قلنا على ما قلنا في قوله : ( وهو خير الحاكمين )[ الأعراف : 87 ] لأن من يحكم من الخلائق عليكم إنما يحكم بحكم ناله منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.