التثريب : التأنيب والعتب ، وعبر بعضهم عنه بالتعبير .
ومنه «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثرب » أي لا يعبر .
وأصله من الثرب وهو الشحم الذي هو غاشية الكرش ، ومعناه : إزالة الثرب ، كما أن التجليد والتقريع إزالة الجلد والقرع ، لأنه إذا ذهب كان ذلك غاية الهزال ، فضرب مثلاً للتقريع الذي يمزق الأعراض ، ويذهب بهاء الوجه .
ولا تثريب : لا لوم ولا عقوبة .
وتثريب اسم لا ، وعليكم الخبر ، واليوم منصوب بالعامل في الخبر أي : لا تثريب مستقر عليكم اليوم .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : بم تعلق اليوم ؟ ( قلت ) : بالتثريب ، أو بالمقدر في عليكم من معنى الاستقرار ، أو بيغفر .
والمعنى : لا أثربكم اليوم ، وهذا اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام ! ثم ابتدأ فقال : يغفر الله لكم ، فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم .
يقال : غفر الله لك ، ويغفر الله لك على لفظ الماضي والمضارع جميعاً ، ومنه قول المشمت : يهديكم الله ويصلح بالكم .
أو اليوم يغفر الله لكم بشارة بعاجل الغفران ، لما تجدد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم انتهى .
أما قوله : إن اليوم يتعلق بالتثريب ، فهذا لا يجوز ، لأنّ التثريب مصدر ، وقد فصل بينه وبين معموله بقوله : وعليكم .
إما أن يكون خبراً ، أو صفة لتثريب ، ولا يجوز الفصل بينهما ، لأنّ معمول المصدر من تمامه .
وأيضاً لو كان اليوم متعلقاً بتثريب لم يجز بناؤه ، وكان يكون من قبيل المشبه بالمضاف ، وهو الذي يسمى المطول ، ويسمى الممطول ، فكان يكون معرباً منوناً .
وأما تقديره الثاني فتقدير حسن ، ولذلك وقف على قوله اليوم أكثر القراء .
وابتدأوا بيغفر الله لكم على جهة الدعاء ، وهو تأويل ابن إسحاق والطبري .
وأما تقديره الثالث وهو أن يكون اليوم متعلقاً بيغفر فمقول ، وقد وقف بعض القراء على عليكم ، وابتدأ اليوم يغفر الله لكم .
قال ابن عطية : والوقف على اليوم أرجح في المعنى ، لأنّ الآخر فيه حكم على مغفرة الله ، اللهم إلا أن يكون ذلك بوحي .
وأما قوله : فبشارة إلى آخره ، فعلى طريقة المعتزلة ، فإنّ الغفران لا يكون إلا لمن تاب .
قال ابن الأنباري : إنما أشار إلى ذلك اليوم لأنه أول أوقات العفو ، وسبيل العافي في مثله أن لا يراجع عقوبة .
وأجاز الحوفي أن يكون عليكم في موضع الضفة لتثريب ، ويكون الخبر اليوم ، وهو وجه حسن .
وقيل : عليكم بيان كلك في قولهم : سقياً لك ، فيتعلق بمحذوف .
ونصوا على أنه لا يجوز أن يتعلق عليكم بتثريب ، لأنه كان يعرب ، فيكون منوناً لأنه يصير من باب المشبه بالمضاف .
ولو قيل : إن الخبر محذوف ، وعليكم متعلق بمحذوف يدل عليه تثريب ، وذلك المحذوف هو العامل في اليوم وتقديره : لا تثريب عليكم اليوم ، كما قدروا في { لا عاصم اليوم من أمر الله } أي : يعصم اليوم ، لكان وجهاً قوياً ، لأنّ خبر لا إذا علم كثر حذفه عند أهل الحجاز ، ولم يلفظ به بنو تميم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.