تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (43)

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو حصين بن [ يحيي بن ]{[13538]} سليمان الرازي{[13539]} حدثنا سفيان بن عيينة ، عن مِسْعَر{[13540]} عن عون قال : هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا ؟ بدأ بالعفو قبل المعاتبة فقال : { عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ } وكذا قال مُوَرِّق العِجْلي وغيره .

وقال قتادة : عاتبه كما تسمعون ، ثم أنزل التي في سورة النور ، فرخَّص له في أن يأذن لهم إن شاء : { فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ } [ النور : 62 ] وكذا رُوي عن عطاء الخراساني .

وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في أناس قالوا : استأذِنُوا رسول الله فإن أذن لكم فاقعدوا ، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا .

ولهذا قال تعالى : { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا } أي : في إبداء الأعذار ، { وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ } {[13541]} يقول تعالى : هلا تركتهم لما استأذنوك ، فلم تأذن لأحد منهم في القعود ، لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب ، فإنهم قد كانوا مصرين على القعود عن الغزو [ وإن لم تأذن لهم فيه . ولهذا أخبر تعالى أنه لا يستأذنه في القعود عن الغزو ]{[13542]} أحد يؤمن بالله ورسوله


[13538]:- زيادة من الجرح والتعديل 4/2/364. مستفادا من هامش ط. الشعب.
[13539]:- في أ : "الداري".
[13540]:- في أ : "مشرف".
[13541]:- في ت : "ويعلم".
[13542]:- زيادة من ت ، ك ، أ.