قوله : { عفا الله عنك } ، إلى قوله : { بالمتقين }[ 43 ، 44 ] .
" النون " من : { عنك } ، وحيث ما سكنت مع " الكاف " وأخواتها خرجت بغنة من الخياشيم{[28839]} .
والمعنى : { عفا الله عنك } ، يا محمد ، ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم{[28840]} .
وقيل المعنى : إنه افتتاح كلام بمنزلة : " أصلحك الله " و " أعزك الله " {[28841]} .
وقال الطبري : هذا عتاب من الله ، عز وجل لنبيه عليه السلام ، في إذنه لمن أذن له من المنافقين في التخلف عنه في غزوة تبوك ، حتى يعلم الصادق منهم من الكاذب في قولهم{[28842]} : { لو استطعنا لخرجنا معكم } ، فيعلم من له عذر ومن لا عذر له ، فيتبين لك الصادق من الكاذب ، ويكون إذنك على علم بهم{[28843]} .
ثم أرخص الله عز وجل ، له الإذن في سورة " النور " فقال : { فإذا استاذنوك لبعض شأنهم فاذن لمن شئت منهم{[28844]} }{[28845]} .
قال بعض المفسرين : اثنين فعل رسول الله عليه السلام ، لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك ، وأخذه من الأسارى الفداء{[28846]} .
ومن قال هو افتتاح كرم ، وقف على : { عفا الله عنك }{[28847]} .
ومن قال هو عتاب{[28848]} ، لم يقف عليه{[28849]} .
وقال محمد بن عرفة{[28850]} نفطويه : ذهب ناس إلى [ أن ]{[28851]} النبي صلى الله عليه وسلم معاتب بهذه الآية ، وحاشاه من ذلك ، بل كان له أن يفعل وأن لا يفعل حتى ينزل عليه الوحي ، كما قال : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها{[28852]} عمرة " ؛ لأنه كان له أن يفعل ما شاء ، فلما كان له أن يفعل ما شاء مما لم ينزل عليه فيه وحي{[28853]} ، واستأذنه المتخلفون{[28854]} في التخلف واعتذروا ، اختار أيسر الأمرين تكرما وتفضلا منه صلى الله عليه وسلم ، فأبان الله ، عز وجل أنه لو لم يأذن لهم لأقاموا ، للنفاق الذي في قلوبهم ، وإنهم كاذبون في إظهار الطاعة له والمشاورة{[28855]} .
ف : { عفا الله عنك } ، عنده افتتاح كلام ، أعلمه الله عز وجل ، به أنه لا حرج عليه فيما فعل من الإذن ، وليس هو عفوا{[28856]} عن ذنب ، إنما هو أنه تعالى أعلمه أنه لا يلزمه بترك{[28857]} . الإذن لهم ، كما قال عليه السلام : " عفا الله لكم عن صدقة الخيل والرقيق وما وجبتا قط " . ومعناه : ترك أن يلزمكم ذلك{[28858]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.