لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ فَتَزِلَّ قَدَمُۢ بَعۡدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلسُّوٓءَ بِمَا صَدَدتُّمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (94)

قوله عز وجل : { ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم } ، يعني : خديعة وفساداً بينكم ، فتغروا بها الناس فيسكنوا إلى أيمانكم ، ويأمنوا إليكم ثم تنقضونها . وإنما كرر هذا المعنى تأكيداً عليهم ، وإظهاراً لعظم أمر نقض العهد . قال المفسرون : وهذا في نهي الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، نهاهم عن نقض عهده ؛ لأن الوعيد الذي بعده ، وهو قوله سبحانه وتعالى : { فنزل قدم بعد ثبوتها } لا يليق بنقض عهد غيره ، إنما يليق بنقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإيمان به وبشريعته . وقوله : { فتزل قدم بعد ثبوتها } ، مثل يذكر لكل من وقع في بلاء ومحنة بعد عافية ونعمة ، أو سقط في ورطة بعد سلامة . تقول العرب لكل واقع في بلاء بعد عافية : زلت قدمه ، والمعنى : فتزل أقدامكم عن محجة الإسلام ، بعد ثبوتها عليها . { وتذوقوا السوء } ، يعني : العذاب ، { بما صددتم عن سبيل الله } ، يعني : بسبب صدكم غيركم عن دين الله ؛ وذلك لأن من نقض العهد ، فقد علّم غيره نقض العهد ، فيكون هو أقدمه على ذلك . { ولكم عذاب عظيم } ، يعني : بنقضكم العهد .