لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (121)

قوله عز وجل : { الذين آتيناهم الكتاب } قال ابن عباس : نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب وكانوا أربعين رجلاً اثنان وثلاثون رجلاً من الحبشة وثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا الرهب ، وقيل : هم مؤمنو أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام وأصحابه . وقيل : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وقيل : هم مؤمنون عامة { يتلونه حق تلاوته } أي يقرؤونه كما أنزل لا يغيرونه ولا يحرّفونه ولا يبدلون ما فيه من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : معناه يتبعونه حق اتباعه فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويقفون عنده ويكلون علمه إلى الله تعالى . وقيل : معناه تدبروه حق تدبره وتفكروا في معانيه وحقائقه وأسراره { أولئك } يعني الذين يتلونه حق تلاوته { يؤمنون به } أي يصدقون به . فإن قلنا : إن الآية في أهل الكتاب فيكون المعنى إن المؤمن بالتوراة الذي يتلوها حق تلاوتها هو المؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن في التوراة نعته وصفته . وإن قلنا : إنها نزلت في المؤمنين عامة فظاهر { ومن يكفر به } أي يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم { فأولئك هم الخاسرون } أي خسروا أنفسهم حيث استبدلوا الكفر بالإيمان .