فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (121)

{ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ، يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ، واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون } .

{ الذين آتيناهم الكتاب } هم اليهود والنصارى قاله قتادة وهم المسلمون ، والكتاب هو القرآن وقيل من أسلم من أهل الكتاب ، وقال ابن عباس : نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر ابن أبي طالب ، وكانوا أربعين رجلا وثمانية من رهبان الشام منهم بحيري الراهب والباقي من الحبشة وقيل هم المؤمنون عامة { يتلونه حق تلاوته } أي يقرؤونه كما أنزل لا يغيرونه ولا يحرفونه ولا يبدلون ما فيه من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل المراد بالتلاوة أنهم يعملون بما فيه فيحللون حلاله ويحرمون حرامه ، فيكون من تلاه يتلوه إذا اتبعه أي يتبعونه حق اتباعه ، ومنه قوله تعالى { والقمر إذا تلاها } أي اتبعها قاله ابن عباس ، وقال عمر ابن الخطاب : يعني إذ مر بذكر الجنة يسأل الجنة وإذا مر بذكر النار تعوذ من النار ، وقال زيد ابن أسلم : يتكلمون به كما أنزل ولا يكتمونه ، عن قتادة قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وعن الحسن قال : يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه ، وقيل يتدبرونه حق تدبره ويتفكرون في معانيه وحقائقه وأسراره .

{ أولئك يؤمنون به } أي يصدقون به ، فإن كانت الآية في أهل الكتاب فالمعنى أن المؤمن بالتوراة الذي يتلوها حق تلاوتها هو المؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن في التوراة نعته وصفته ، وإن كانت في المؤمنين عامة فالمعنى ظاهر { ومن يكفر به } أي يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم { فأولئك هم الخاسرون } أي خسروا أنفسهم حيث استبدلوا الكفر بالإيمان .