الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (121)

قوله : ( الذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ ) [ 120 ] .

قال ابن( {[3807]} ) مسعود : " ومعنى( {[3808]} ) ( حَقَّ تِلاَوَتِهِ )( {[3809]} ) ، أي : يحل( {[3810]} ) حلاله ويحرم حرامه ، ويضعه على مواضعه . فمن قرأ منه شيئاً كان له بكل حرف عشر حسنات " ( {[3811]} ) .

وعني بذلك من آمن بالنبي [ عليه السلام ]( {[3812]} ) ، فيكون " يتلون " ( {[3813]} ) الخبر . وإن شئت " أولئك " الخبر ، و " يتلون " حال( {[3814]} ) .

وقيل : عني بذلك من آمن بالنبي [ عليه السلام ]( {[3815]} ) من بني إسرائيل والنصارى ، فيكون " يتلون " الخبر( {[3816]} ) ، وهو اختيار الطبري . فيكون مردوداً على ما قبله من ذكرهم ولم يجر لأصحاب محمد( {[3817]} ) صلى الله عليه وسلم ذكر فيرد إليهم ، ولآلهم ذكر بعدها ، فتجعل الآية مبتدأة فيهم ، ولا جاء أثر بأن ذلك فيهم . فردها إلى ما قبلها أولى وهو ذكر بني إسرائيل والنصارى( {[3818]} ) .

وأجاز ابن كيسان أن يكون : ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ) خبراً( {[3819]} ) عن " الذين " على أن يكون " الذين " يراد بهم المرسلون والأنبياء صلوات الله عليهم . وأجاز أن يراد " بالذين " العاملون بالكتاب خاصة منهم ؛ فيكون " يتلون " الخبر أيضاً . ويجوز( {[3820]} ) وجوه أخرى أيضاً( {[3821]} ) .

وروي أنها مخصصة نزلت في أربعين رجلاً من أهل نجران بعضهم ، ومن الحبشة بعضهم ، ومن الروم منهم ثمانية( {[3822]} ) ؛ وهم الملاحون أصحاب السفينة الذين أقبلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع جعفر بن( {[3823]} ) أبي طالب( {[3824]} ) أثنى( {[3825]} ) الله تعالى عليهم إذ آمنوا بكتابهم وبالنبي صلى الله عليه وسلم ، فأثنى( {[3826]} ) الله عز وجل عليهم في غير موضع من كتابه( {[3827]} ) ، فيكون " يتلون " خبراً عنهم . . وإن جعلته عاماً كان " يتلون " حالاً لا غير ، لأنك إن جعلته خبراً أوجبت أن كل منْ أوتي الكتاب من النصارى ومن بني إسرائيل يتلونه حق تلاوته ، وليسوا كذلك .

قوله : ( أُوْلاَئِكَ يُومِنُونَ بِهِ ) [ 120 ] .

أي : بمحمد صلى الله عليه وسلم لأنهم إذا تلوا/ التوراة حق تلاوتها وجدوه مكتوباً فيها . فهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم ضرورة/ إذا أنصفوا في التلاوة .

ومعنى ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ) أي : يتبعونه حق اتباعه( {[3828]} ) . كذلك رواه مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله( {[3829]} ) . أي : يتبعون ما فيه حق اتباعه . وقيل : معناه : يقرأونه حق قراءته( {[3830]} ) .

وقد قيل : إن الهاء في " به " عائدة( {[3831]} ) على الكتاب كالهاء في " يتلونه " والهاء في " ومن( {[3832]} ) يكفر به " ( {[3833]} ) .

قال ابن زيد : " تعود على محمد( {[3834]} ) صلى الله عليه وسلم " ( {[3835]} ) . وقيل تعود على الكتاب( {[3836]} ) .


[3807]:- في ع3: بن. وهو خطأ.
[3808]:- سقط من ح.
[3809]:- سقط من ق.
[3810]:- في ع2: حل. وهو تحريف.
[3811]:- انظر: تفسيره 2/74.
[3812]:- في ع2، ع3: صلى الله عليه وسلم: وهو قول قتادة في تفسير القرطبي 2/95.
[3813]:- في ع1، ع3، ق: يتلوا. وفي ع3: يتلو.
[3814]:- انظر: هذا التوجيه في إعراب القرآن 1/209، ومشكل الإعراب 1/110، والبيان 122، الإملاء 1/61.
[3815]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[3816]:- انظر: المحرر الوجيز 1/345، وتفسير القرطبي 2/95.
[3817]:- في ع3: النبي.
[3818]:- انظر: جامع البيان 2/565.
[3819]:- في ع2، ع3: خبر. وهو خطأ.
[3820]:- في ع2: لجواز.
[3821]:- سقط قوله: "ويجوز وجوه أخرى أيضاً" من ع3. وقد ردَّ مكي وابن الأنباري هذا التوجيه النحوي لابن كيسان. انظر: مشكل الإعراب 1/110، والبيان 1/122.
[3822]:- في ع2: الثمانية.
[3823]:- في ع3: ابن.
[3824]:- هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، أبو عبد الله، أحد السابقين الأولين هاجر الهجرتين، روى عنه ابن مسعود وأم سلمة، استشهد في غزوة مؤتة سنة 8 هـ. انظر: طبقات ابن خياط 4، والخلاصة 1/168.
[3825]:- في ع2، ع3: أتى. وهو تحريف.
[3826]:- في ع2، ع3: فأتى. وهو تحريف.
[3827]:- انظر: أسباب النزول 44، والمحرر الوجيز 1/345.
[3828]:- وهو اختيار أبي رزين. انظر: تفسير الثوري 48.
[3829]:- في ع2: قال. وفي ع3: قالوا. [قال القرطبي 1/95: وروى نصر بن عيسى عن مالك... الخ، فذكره وقال: في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكر الخطيب أبو بكر أحمد، إلا أن معناه صحيح، وانظر: فتح القدير 1/136]. المدقق.
[3830]:- انظر: المحرر الوجيز 1/345.
[3831]:- في ع3: عائد.
[3832]:- سقط حرف الواو من ق.
[3833]:- انظر: جامع البيان 2/571.
[3834]:- في ع2، ع3: النبي.
[3835]:- انظر: جامع البيان 2/572، والمحرر الوجيز 1/346.
[3836]:- انظر: جامع البيان 2/571.