لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ} (79)

{ فويل } الويل كلمة تقولها العرب لكل من وقع في هلكة وأصلها في اللغة العذاب والهلاك وقال ابن عباس : الويل شدة العذاب وعن أبي سعيد الخدري . قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره " أخرجه الترمذي وقال حديث غريب . الخريف سنة { للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } تأكيد للكتابة لأنه يحتمل أن يأمر غيره بأن يكتب فقال : بأيديهم لنفي هذه الشبهة والمراد بالذين يكتبون الكتاب اليهود وذلك أن رؤساء اليهود خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رياستهم حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فاحتالوا في تعويق سفلتهم عن الإيمان به فعمدوا إلى صفته في التوراة فغيروها ، وكانت صفته فيها حسن الوجه حسن الشعر أكحل العينين ربعة فغيروا وكتبوا مكانه طوال أزرق العينين سبط الشعر فكانوا إذا سألهم سفلتهم عن ذلك قرأوا عليهم ما كتبوا { ثم يقولون هذا من عند الله } يعني هذه الصفة التي كتبوها . فإذا نظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى تلك وجدوه مخالفاً لها فيكذبونه ويقولون إنه ليس به { ليشتروا به } أي بما كتبوا { ثمناً قليلاً } أي المآكل والرشا التي كانوا يأخذونها من سفلتهم ، قال الله تعالى : { فويل لهم بما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } .