الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ} (79)

وقوله تعالى : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِندِ الله }[ البقرة :79 ] .

قال الخليلُ :الوَيْلُ : شِدَّةُ الشر ، وهو مصدر لا فِعْلَ له ، ويجمع على وَيْلاَتٍ ، والأحسن فيه إِذا انفصل الرفْعُ ، لأنه يقتضي الوقُوعَ ، ويصحُّ النصب على معنى الدُّعَاء ، أي : ألزمه اللَّه وَيْلاً ، ووَيْلٌ ووَيْحٌ ووَيْسٌ تتقاربُ في المعنى ، وقد فرق بينها قوم ، وروى سفيانُ ، وعطاءُ بنُ يَسارٍ أن الوَيْلَ في هذه الآية وادٍ يجري بفناءِ جهنَّم من صديد أهل النار ، وروى أبو سعيد الخُدْرِيُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أنه وادٍ في جهنَّم بيْن جبَلَيْنِ ، يَهْوِي فيه الهاوِي أربعِينَ خَرِيفاً ، وروى عثمانُ بن عفَّانَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ النَّار ، والذين يكْتُبُونَ هم الأَحْبَارُ والرؤساءُ ، و{ بِأَيْدِيهِمْ } قال ابن السَّرَّاج : هي كناية عن أنه من تلقائهم دون أن ينزل عليهم ، والذي بدَّلوه هو صفة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليستديمُوا رئاستهم ومكاسبهم ، وذكر السُّدِّيُّ أنهم كانوا يكتبون كتباً يبدِّلون فيها صفةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ويبيعونَهَا من الأَعراب ، ويبثُّونها في أتباعهم ، ويقولون هي من عند اللَّه ، والثَّمَنُ : قيل : عَرَضُ الدنيا ، وقيل : الرُّشَا والمآكلُ التي كانتْ لهم ، و{ يَكْسِبُونَ } معناه : من المعاصي ، وقيل : من المال الذي تضمنه ذكر الثَّمَن .