فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ} (79)

{ فويل } فهلاك ودمار .

{ فويل } . . . . واد من صديد في جهنم ؛ . . . . { للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا } يعني بذلك الذين حرفوا كلام الله من يهود بني إسرائيل وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم ، مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها ولا بما في التوراة ، جهال بما كتب الله – لطلب عرض من الدنيا خسيس فقال الله تعالى { فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } . . . إن قال لنا قائل : وما وجه { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } وهل تكون الكتابة بغير اليد حتى احتاج المخاطبون بهذه المخاطبة إلى أن يخبروا عنهم هؤلاء القوم الذين قص الله قصصهم أنهم كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ؟ قيل له إن الكتاب من بني آدم وإن كان منهم باليد فإنه قد يضاف الكتاب إلى غير كاتبه وغير المتولى رسم خطه فيقال : كتب فلان إلى فلان بكذا وإن كان المتولى كتابته بيده غير المضاف إليه الكتاب إذا كان الكتاب كتبه بأمر المضاف إليه الكتاب فأعلم ربنا بقوله { فول للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } عباده المؤمنون أن أحبارهم اليهود تولوا كتابة الكذب والفرية على الله بأيديهم ، على علم منهم وعمد للكذب على الله ثم تنحله إلى أنه من عند الله وفي كتاب الله تكذبا على الله وافتراء عليه ، فنفى جل ثناؤه بقوله { يكتبون الكتاب بأيديهم } أن يكون ولي كتابة ذلك بعض جهالهم بأمر علمائهم وأحبارهم . . . . . فالعذاب في الوادي السائل من صديد أهل النار في أسفلهم جهنم { لهم } يعني الذين يكتبون الكتاب الذي وصفنا أمره من يهود بني إسرائيل محرفا ثم قالوا هذا من عند الله ابتغاء عرض من الدنيا به قليل مما يبتاعه منهم وقوله{ مما كتبت أيديهم } يقول من الذي كتبت أيديهم من ذلك { وويل لهم } أيضا { مما يكسبون } يعني مما يعملون من الخطايا ويجترحون من الآثام ويكسبون من الحرام بكتابهم الذي يكتبونه بأيديهم بخلاف ما أنزل الله ثم يأكلون ثمنه قد باعوه ممن باعوه منهم على أنه من كتاب الله{[321]} .


[321]:ما بين العارضتين من جامع البيان.