النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ} (79)

قوله تعالى : { فَوَيلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِم } في الويل ستة أقاويل :

أحدها : أنه العذاب ، قاله ابن عباس .

والثاني : أنه التقبيح ، وهو قول الأصمعي . ومنه قوله تعالى :

{ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }

[ الأنبياء : 18 ] . وقال الشاعر :

كسا اللؤم سهما خضرة في جلودها *** فويل لسهم من سرابيلها الخُضْرِ

والثالث : أنه الحزن ، قاله المفضل .

والرابع : أنه الخزي والهوان{[165]} .

والخامس : أن الويل وادٍ في جهنم ، وهذا قول أبي سعيد الخدري .

والسادس : أنه جبل في النار ، وهو قول عثمان بن عفان .

{ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِم } أي يغيرون ما في الكتاب من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته{[166]} .

وفي قوله تعالى : { بِأَيدِيهِم } تأويلان :

أحدهما : أنه أراد بذلك تحقيق الإضافة ، وإن كانت الكتابة لا تكون إلا باليد ، كقوله تعالى : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ } .

والثاني : أن معنى { بِأَيْدِيهِم } أي من تلقاء أنفسهم ، قاله ابن السراج .

وفي قوله تعالى : { لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنَاً قَلِيلاً } تأويلان :

أحدهما : ليأخذوا به عرض الدنيا ، لأنه قليل المدة ، كما قال تعالى : { قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ }{[167]} وهذا قول أبي العالية .

والثاني : أنه قليل لأنه حرام .

{ وَوَيلٌ لَّهُم مِمَّا يَكْسِبُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : من تحريف كتبهم .

والثاني : من أيام معاصيهم .


[165]:- هذا القول ساقط من ق وجاء مكانه: إن الويل واد من صديد في أصل جهنم: قاله ابن عباس.
[166]:- قال ابن إسحاق والكلبي: كانت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم أنه أبيض ربعة، فجعلوه أسمر سبطا طويلا، وقالوا لاتباعهم انظروا إلى صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبه نعت هذا.
[167]:- الآية 77 من النساء.