لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَتَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (62)

قوله عز وجل : { وترى كثيراً منهم } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . وترى يا محمد كثيراً من اليهود وكلمة " من " يحتمل أن تكون للتبعيض . ولعل هذه الأفعال المذكورة في هذه الآية ما كان يفعلها كل اليهود فلذا قال تعالى : وترى كثيراً منهم { يسارعون } . المسارعة في الشيء : المبادرة إليه بسرعة لكن لفظة المسارعة إنما تستعمل في الخير . ومنه قوله تعالى : يسارعون في الخيرات وضدها العجلة ، وتقال في الشر في الأغلب وإنما ذكرت لفظة في قوله يسارعون { في الإثم والعدوان وأكلهم السحت } الفائدة وهي أنهم كانوا يقدمون على هذه المنكرات كأنهم محقون فيها . والإثم اسم جامع لجميع المعاصي والمنهيات فيدخل تحته العدوان وأكل السحت ، فلهذا ذكر الله العدوان وأكل السحت بعد الإثم والمعاصي وقيل الإثم ما كتموه من التوراة والعدوان وما زادوا فيها والسحت هو الرشا وما يأكلونه من غير وجهه { لبئس ما كانوا يعملون } يعني لبئس العمل كان هؤلاء اليهود يعملون وهو مسارعتهم إلى الإِثم والعدوان وأكلهم السحت .