لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَٰسِقُونَ} (59)

قوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يعني : قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا دينك هزواً ولعباً { هل تنقمون منا } وهذا على سبيل التعجب من فعل أهل الكتاب والمعنى هل تجدون علينا في الدين إلا الإيمان بالله وبما أنزل إلينا وبما أنزل على جميع الأنبياء من قبل وهذا ليس مما ينكر أو ينقم منه وهذا كما قال بعضهم :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهنَّ فلول من قراع الكتائب

يعني أنه ليس فيهم عيب إلا ذلك وهذا ليس بعيب بل هو مدح عظيم لهم . قال ابن عباس : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وعازوراء وزيد وخالد وأزار بن أبي أزار وأشيع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال : أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط - إلى قوله - ونحن له مسلمون الآية فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته ، وقالوا : والله لا نؤمن بمن آمن به ، فأنزل الله هذه الآية . وقيل : إنهم قالوا والله ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم فأنزل الله هذه الآية { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل } وهذا هو ديننا الحق وطريقنا المستقيم فلم تنقمونه علينا { وأن أكثركم فاسقون } يعني أنما كرهتم إيماننا ونقمتموه علينا مع علمكم بأننا على الحق بسبب فسقكم وإقامتكم على الدين الباطل لحب الرياسة وأخذ الأموال بالباطل وإنما قال أكثركم لأن الله يعلم أن من أهل الكتاب من يؤمن بالله وبرسوله . قوله عز وجل .