نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَتَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (62)

ولما كذبهم في دعوى الإيمان ، أقام سبحانه الدليل على كفرهم فقال{[26728]} مخاطباً لمن{[26729]} له الصبر{[26730]} التام ، مفيداً أنه أطلعه صلى الله عليه وسلم{[26731]} على ما يعلم منهم{[26732]} مما يكتمونه من ذلك تصديقاً لقوله تعالى { ولتعرفنهم في لحن القول{[26733]} } إطلاعاً هو كالرؤية ، عاطفاً{[26734]} على ما تقديره : وقد أخبرنا غيرك من المؤمنين بما نعلم منهم من ذلك ، وأما أنت فترى ما في قلوبهم بما آتيناك من الكشف : { وترى } أي لا تزال{[26735]} يتجدد لك ذلك { كثيراً منهم } أي اليهود والكفار منافقهم ومصارحهم .

ولما كان التعبير بالعجلة لا يصح هنا ، لأنها لا تكون إلا في شيء له وقتان : وقت لائق ، ووقت غير لائق ، والإثم لا يتأتى{[26736]} فيه ذلك ، قال : { يسارعون } أي يفعلون في تهالكهم على ذلك فعل من يناظر خصماً في السرعة فيما{[26737]} هو فيه{[26738]} محق{[26739]} وعالم بأنه في غاية الخير ، وكان الموضع{[26740]} لأن يعبر{[26741]} بالضمير فيقال : فيه - أي الكفر ، فعبر عنه تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف إفادة{[26742]} لأن كفرهم عن حيلة هي في غاية الرداءة بقوله : { في الإثم } أي كل ما يوجب إثماً من الذنوب ، وخص منه أعظمه فقال : { والعدوان } أي مجاوزة الحد في ذلك الذي أعظمه الشرك ، ثم حقق الأمر وصوَّره بما يكون لوضوحه دليلاً على ما قبله من إقدامهم{[26743]} على الحرام الذي لا تمكن{[26744]} معه صحة القلب أصلاً ، ولا يمكنهم إنكاره فقال : { وأكلهم السحت } أي الحرام الذي يستأصل البركة من أصلها{[26745]} فيمحقها ، ومنه الرشوة ، وكان هذا دليلاً على كفرهم لأنهم لو كانوا مؤمنين ما أصروا على شيء من ذلك ، فكيف بجميعه ! فكيف بالمسارعة فيه ! ولذلك استحقوا غاية الذم بقوله : { لبئس ما كانوا } ولما كانوا يزعمون{[26746]} العلم ، عبر عن فعلهم بالعمل فقال : { يعملون * } .


[26728]:في ظ: بقوله.
[26729]:من ظ، وفي الأصل: من.
[26730]:في ظ: النصر.
[26731]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[26732]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[26733]:سورة 47 آية 30.
[26734]:في ظ: عطفا.
[26735]:في ظ: لا يزال.
[26736]:في ظ: لا ينافى.
[26737]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[26738]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[26739]:من ظ، وفي الأصل: بحق.
[26740]:في ظ: لا يغير.
[26741]:في ظ: لا يغير.
[26742]:زيد من ظ.
[26743]:في ظ: لإقرانهم.
[26744]:في ظ: لا يمكن.
[26745]:زيد بعده في ظ: ليستأصلها.
[26746]:زيد من ظ.