صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

{ فمن يعمل مثقال ذرة . . . } تفصيل للرائين وما يرونه . و " مثقال ذرة " أي مقدار وزن أصغر نملة . أو ما يرى من الهباء في شعاع الشمس الداخل من الكوة ؛ وهو مثل في القلة . وعن ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر عمل خير أو شرا في الدنيا إلا أراه الله إياه يوم القيامة ؛ فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته ، فيغفر له سيئاته ، ويثيبه بحسناته . وأما الكافر فيرى حسناته وسيئاته ، فيرد حسناته ، ويعذبه بسيئاته . وقوله : " فيرد حسناته " أي لا يثيبه عليها ؛ لكفره وهو محبط للعمل . وإن خفف عنه العذاب بسببها ؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك .

والله أعلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

قوله : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } الذرة لا زنة لها لفرط صغرها وبساطتها . وهذا مثل ضربه الله سبحانه ، وهو أنه لا يضيّع من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة . ولسوف يريه الله سائر أعماله من خير أو شر ، ما قل من ذلك أو كثر . والمسلم المتعظ يحرص على فعل الخير مهما قل ، وذلك محسوب له في سجل أعماله ، يجده يوم الحساب . فقد روى البخاري في صحيحه عن عدي مرفوعا : " اتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة " ، وفي الصحيح كذلك " لا تحقرنّ من المعروف شيئا ، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ، ولو أن تلقى أخاك ، ووجهك إليه منبسط " .

وما ينبغي للمسلم الحريص أيضا أن يغفل عن محقرات الذنوب ، فإن اجتماعها على المرء يفضي به إلى التردي في الخسار . فقد أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم ومحقّرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه " {[4846]} .


[4846]:تفسير ابن كثير جـ 4 ص 541 والكشاف جـ 4 ص 276 وتفسير الرازي جـ 32 ص 62.