صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (33)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (33)

ثم بين الله تعالى صفة الداعي إلى الله بالأقوال الحسنة والعمل الصالح ليكون قدوةً ويقرّ بأنه من المسلمين المخلصين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (33)

{ 33 } { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }

هذا استفهام بمعنى النفي المتقرر أي : لا أحد أحسن قولا . أي : كلامًا وطريقة ، وحالة { مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ } بتعليم الجاهلين ، ووعظ الغافلين والمعرضين ، ومجادلة المبطلين ، بالأمر بعبادة الله ، بجميع أنواعها ، والحث عليها ، وتحسينها مهما أمكن ، والزجر عما نهى الله عنه ، وتقبيحه بكل طريق يوجب تركه ، خصوصًا من هذه الدعوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه ، ومجادلة أعدائه بالتي هي أحسن ، والنهي عما يضاده من الكفر والشرك ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .

ومن الدعوة إلى الله ، تحبيبه إلى عباده ، بذكر تفاصيل نعمه ، وسعة جوده ، وكمال رحمته ، وذكر أوصاف كماله ، ونعوت جلاله .

ومن الدعوة إلى الله ، الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله وسنة رسوله ، والحث على ذلك ، بكل طريق موصل إليه ، ومن ذلك ، الحث على مكارم الأخلاق ، والإحسان إلى عموم الخلق ، ومقابلة المسيء بالإحسان ، والأمر بصلة الأرحام ، وبر الوالدين .

ومن ذلك ، الوعظ لعموم الناس ، في أوقات المواسم ، والعوارض ، والمصائب ، بما يناسب ذلك الحال ، إلى غير ذلك ، مما لا تنحصر أفراده ، مما تشمله الدعوة إلى الخير كله ، والترهيب من جميع الشر .

ثم قال تعالى : { وَعَمِلَ صَالِحًا } أي : مع دعوته الخلق إلى الله ، بادر هو بنفسه ، إلى امتثال أمر الله ، بالعمل الصالح ، الذي يُرْضِي ربه . { وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } أي : المنقادين لأمره ، السالكين في طريقه ، وهذه المرتبة ، تمامها للصديقين ، الذين عملوا على تكميل أنفسهم وتكميل غيرهم ، وحصلت لهم الوراثة التامة من الرسل ، كما أن من أشر الناس ، قولاً ، من كان من دعاة الضالين{[775]} السالكين لسبله .

وبين هاتين المرتبتين المتباينتين ، اللتين ارتفعت إحداهما إلى أعلى عليين ، ونزلت الأخرى ، إلى أسفل سافلين ، مراتب ، لا يعلمها إلا الله ، وكلها معمورة بالخلق { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }


[775]:- كذا في النسختين ولعل الصواب (من دعاة الضلال).
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (33)

ولما كان هذا لمن كمل نفسه ، أتبعه بمن أكمل غيره إشارة إلى أن السعادة التامة أن يكتسب الإنسان من الصفات الفاضلة ما يصير بها كاملاً في نفسه ، فإذا فرغ اشتغل بتكميل الناقص عاطفاً على ما تقديره : ما أحسن هذا الذي كمل نفسه ، وقاله تنويهاً بعلو قدر النفع المتعدي وحثاً على مداومة الدعاء وإن أبوا وقالوا { قلوبنا في أكنة } ثم قالوا { لا تسمعوا لهذا القرآن } فإنهم لم يقولوا من ذلك شيئاً إلا ذكرت أجوبته الشافية الكافية فاندفعت جميع الشبهات وزالت غياهب الضلالات ، فصار تحذير الدعاء موضعاً للقبول { ومن أحسن قولاً } أي من جهة القول { ممن دعا } وحد الضمير دلالة على قلة هذا الصنف { إلى الله } أي الذي عم بصفات كماله جميع الخلق فهو يستعطف كل أحد بما تعرف إليه سبحانه به من صفاته { وعمل } أي والحال أنه قد عمل { صالحاً } في نفسه ليكون ذلك أمكن لدعائه أعم من أن يكون ذلك لصالح نية أو قولاً أو عملاً للجوارح الظاهرة سراً كان أو علناً ، ولذا حذف الموصوف لئلا يوهم تقيده بالأعمال الظاهرة وللاغناء عنها بقوله " دعا " بخلاف ما كان سياقه للتوبة كآية الفرقان أو اعتقاد الحشر كآية الكهف ، فإنه لا بد فيه من إظهار العمل ليكون شاهداً على صحة الاعتقاد وكمال التوبة ، والدعاء هنا مغنٍ عن ذلك { وقال } مؤكداً عند المخالف والمؤالف قاطعاً لطمع المفسد فيه : { إنني من المسلمين * } أي الراسخين في صفة الإسلام متظاهراً بذلك لا يخاف في الله لومة لائم وإن سماه أبناء زمانه كذا جافياً وغليظاً عاسياً لتصلبه في مخالفته إياهم فيما هم عليه بتسهله في انقياده لكل ما أمره به ربه سبحانه .