فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (33)

{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ } أي إلى توحيده وطاعته قال الحسن هو المؤمن أجاب الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من طاعته { وَعَمِلَ صَالِحًا } في إجابته { وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } لربي ، وليس الغرض منه القول فقط بل يضم إليه اعتقاد القلب فيعتقد بقلبه دين الإسلام مع التلفظ ، أي قال ذلك ابتهاجا بالإسلام وفرحا به واتخاذا له دينا ومذهبا وتفاخرا به ، قال ابن سيرين والسدي وابن زيد : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى هذا أيضا عن الحسن .

وقال عكرمة وقيس بن أبي حازم ومجاهد : نزلت في المؤذنين قالت عائشة الداعي إلى الله المؤذن والعمل الصالح ركعتان فيما بين الأذان والإقامة وعنها قالت : ما أرى هذه الآية نزلت إلا في المؤذنين ، ويجاب عن هذا بأن الآية مكية والأذان إنما شرع بالمدينة والأول حمل الآية على العموم كما يقتضيه اللفظ ، ويدخل فيها من كان سببا لنزولها دخولا أوليا ، فكل من جمع بين دعاء العباد إلى ما شرعه الله وعمل عملا صالحا ، وهو تأدية ما فرضه الله عليه مع اجتناب ما حرمه عليه .

وكان من المسلمين دينا لا من غيرهم ، فلا شيء أحسن منه ولا أوضح من طريقته ، ولا أكثر ثوابا من عمله ، قيل : وللدعوة إلى الله مراتب الأولى دعوة الأنبياء إلى الله بالمعجزات ، وبالحجج والبراهين ، وبالسيف ، وهذه المرتبة لم تتفق لغير الأنبياء . المرتبة الثانية : دعوة العلماء إلى الله بالحجج والبراهين فقط ، والعلماء أقسام علماء بالله وعلماء بصفات الله وعلماء بأحكام الله . المرتبة الثالثة دعوة المجاهدين إلى الله بالسيف والسنان ، فهم يجاهدون الكفار حتى يدخلوا في دين الله وطاعته . المرتبة الرابعة دعوة المؤذنين إلى الصلاة فهم أيضا دعاة إلى الله وإلى طاعته .