صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

بُعد المشرقين : يعني المشرق والمغرب ، بين المشرق والمغرب . والعرب تسمّي أحيانا الشيئين المتقابلين باسم أحدهما . كما نقول العُمَران : أبو بكر وعمر ، القمران : الشمس والقمر .

حتى إذا جاء ذلك الرجل يومَ القيامة إلى الله ورأى عاقبة إعراضه وكفرِه قال لقرينه نادماً : يا ليت بيني وبينك بُعدَ المشرق والمغرب ، فبئس الصاحبُ كنتَ لي ، حتى أوقعتني في الهاوية .

قراءات :

قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وحفص : حتى إذا جاءنا بالإفراد . والباقون : جاءانا على التثنية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

وأما حاله ، إذا جاء ربه في الآخرة ، فهو شر الأحوال ، وهو : إظهار الندم والتحسر ، والحزن الذي لا يجبر مصابه ، والتبرِّي من قرينه ، ولهذا قال تعالى : { حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

قوله تعالى : " حتى إذا جاءنا " على التوحيد قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص يعني الكافر يوم القيامة . الباقون " جاءانا " على التثنية ، يعني الكافر وقرينه وقد جعلا في سلسلة واحدة ، فيقول الكافر : " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين " أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، كما قال تعالى : " رب المشرقين ورب المغربين " {[13642]} [ الرحمن : 17 ] ونحوه قول مقاتل . وقراءة التوحيد وإن كان ظاهرها الإفراد فالمعنى لهما جميعا ؛ لأنه قد عرف ذلك بما بعده ، كما قال :

وعينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ *** شَقَّتْ مآقيهما من أُخَرْ{[13643]}

قال مقاتل : يتمنى الكافر أن بينهما بعد المشرق أطول يوم في السنة إلى مشرق أقصر يوم في السنة ، ولذلك قال : " بعد المشرقين " . وقال الفراء : أراد المشرق والمغرب فغلب اسم أحدهما ، كما يقال : القمران للشمس والقمر ، والعمران لأبي بكر وعمر ، والبصرتان للكوفة والبصرة ، والعصران للغداة والعصر . وقال الشاعر :

أخذنا بآفاق السماء عليكم *** لنا قَمَراها والنُّجومُ الطوالع

وأنشد أبو عبيدة لجرير :

ما كان يرضى رسول الله فعلَهم *** والعمرانِ أبو بكر ولا عمر

وأنشد سيبويه :

قَدْنيَ من نصر الخُبَيبَيْن قَدِي

يريد عبد الله ومصعبا ابني الزبير ، وإنما أبو خبيب عبدالله . " فبئس القرين " أي فبئس الصاحب أنت ؛ لأنه يورده إلى النار . قال أبو سعيد الخدري : إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير به إلى النار .


[13642]:آية 17 سورة الرحمن.
[13643]:البيت لامرئ القيس: وحدرة: مكتنزة صلبة، وقيل الواسعة الجاحظة. وبدرة: تبدر بالنظر، وقيل تامة كالبدر.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

ولما كان من ضل عن الطريق ، ومن ظن أنه على صواب لا يكاد يتمادى بل ينجلي له الحال عن قرب ضم إلى العجبين الماضيين عجباً ثالثاً بياناً له على ما تقديره : ونملي لهذا العاشي استدراجاً له وابتلاء لغيره ونمد ذلك طول حياته { حتى } وحقق الخبر بقوله : { إذا } ولما علم من الجمع فيما قيل أن المراد الجنس ، وكان التوحيد أدل دليل على تناول كل فرد ، فكان التعبير به أهول ، وكان السياق دالاً على من الضمير له قال : { جاءنا } أي العاشي ، ومن قرأ بالتثنية أراد العاشي والقرين { قال } أي العاشي تندماً وتحسراً لا انتفاع له به لفوات محله وهو دار العمل : { يا ليت بيني وبينك } أيها القرين { بعد المشرقين } أي ما بين المشرق والمغرب على التغليب - قاله ابن جرير وغيره ، أو مشرق الشتاء والصيف أي بعد أحدهما عن الآخر ؛ ثم سبب عن هذا التمني قوله جامعاً له أنواع المذام : { فبئس القرين } أي إني علمت أنك الذي أضلني وأوصلني إلى هذا العيش الضنك والمحل الدحض وأحسست في هذا الوقت بذلك الذي كنت تؤذيني به أنه أذى بالغ ، فكنت كالذي يحك جسمه لما به من قروح متأكلة حتى يخرج منه الدم فهو في أوله يجد له لذة بما هو مؤلم له في نفسه غاية الإيلام .