معاني القرآن للفراء - الفراء  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

وقوله : { حَتَّى إِذَا جَاءنا قَالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ } .

فيقتل : ( جاءنا ) لأحدهما ، وجاءنا الإنسي وقرينه ، فقرأها جاءانا بالتثنية عاصم والسُّلَمي والحسن وقرأها أصحاب عبد الله يحيى بن وثاب وإبراهيم بن يزيد النخعي ( جاءنا ) على التوحيد ، وهو ما يكفي واحده من اثنيه ، ومثله قراءة من قرأ { كَلاَّ لَيُنْبَذَانِّ } ، يقول : ينبذ هو وماله ، ( ولَيُنبّذَنَّ ) والمعنى واحد .

وقوله : { يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ } .

يريد : ما بين مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، ويقال : إِنه أراد المشرق والمغرب : فقال المشرقين ، وهو أشبه الوجهين بالصواب ؛ لأن العرب قد تجمع الاسمين على تسمية أشهرهما ، فيقال : قد جاءك الزهدمان ، وإِنما أحدهما زهدم ، قال الشاعر :

أخذنا بآفاق السماء عليكمُ *** لنا قمراها والنجوم الطوالع

يريد : الشمس والقمر .

وقال الآخر :

قسموا البلاد فما بها لمقيلهم *** تضغيث مفتصل يباع فصيله

فقرى العراق مسير يوم واحد *** فالبصرتان فواسط تكميله

يريد : البصرة والكوفة .

قال ، وأنشدني رجل من طيء :

فبصرة الأزد منا ، والعراق لنا *** والموصلان ومنا مصر فالحرم

يريد : الجزيرة ، والموصل .