قوله تعالى : { حتى إِذَا جَاءَنَا } قرأ أبو عمرو والأخوان وحفص «جاءنا » بإسناد الفعل إلى ضمير مفرد يعود على لفظ «من » وهو العاتِي ، وحينئذ يكون هذا مما حمل فيه على اللفظ ، ثم على المعنى ثم على اللفظ ، فإنه حمل أولاً على لفظها في قوله : «نُقَيِّضْ لَهُ . . فَهُوَ لَهُ » ثم جمع على معناها في قوله : { وإنهم ليصونهم } . . . ويحسبون أنهم ثم رجع إلى لفظها في قوله : «جَاءَنَا » والباقون : «جاءانا » مسنداً إلى ضمير تثنية{[49853]} ، وهما العاتِي وقرينه جُعلا في سلسلة واحدة فحينئذ يقول الكافر لقرينه { يا ليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين } أي بعد مابين المشرق والمغرب ، فغُلِّبت إحدَاهُما على الآخر ، كالقمرين والعمرين قال الفرزدق :
4405 . . . . . . . . . . . . . *** لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَلِعُ{[49854]}
ويقولن للكوفة والبصرة : البَصْرَتَان ، والغَدَاةِ والعَصْر : العصران ، ولأبي بكر ، وعمر : العُمرَان وللماء والثمر : الأسْوَدَان{[49855]} وقيل : أراد بالمشرقين : مَشْرِق الصيف ومشرق الشتاء والأول أصلح{[49856]} . وقيل : بُعْدُ المشْرِقَيْنِ مِن المَغْرِبَيْنِ{[49857]} . وقال ابن الخطيب : إن أهل النجوم يقولون : إن الحركة التي تكون من المشرق إلى المغرب هي حركة الفَلَك الأعظم ، والحركة التي من المغرب إلى المشرق هي حركة الكواكب الثابتة والأفلاك المميلة{[49858]} والسيارات سوى القمر ، وإذا كان كذلك المشرق والمغرب كل واجد منهما مشرِق بالنسبة إلى شيء ومغرب بالنسبة إلى شيء آخر . فثبت أن إطلاق لفظ المشرق على كل واحد من الجهتين حقيقة ثم ذكر وجهاً آخرَ ، وهو أن الحِسَّ يدل على أن الحركة اليومية إنما تحصل بطلوع الشمس من المشرق إلى المغرب ، وأما من المغرب فإنه يظهر في أول الشهر في جانب المغرب ، ثم لا يزال يتقدم إلى جانب المشرق وذلك يدل على أن حركة القمر من المغرب .
وإذا ثبت هذا بالجانب المسمى بالمَشْرِق ، فإنه مشرق الشمس ولكنه مغرب القمر . وأما الجانب المسمَّى بالمغرب فإنه مشرق القمر ولكنه مغرب الشمس ، وبهذا التقدير يصح تسمية المشرق والمغرب بالمشرقين . قال : «ولعل هذا الوجه أقرب إلى مطابقة اللفظ من سائر الوجوه »{[49859]} . وهذا ليس بشيء ، فإن ظهور القمر من المغرب ما كان لكونه أشرق من المغرب إنما كان ظهورها لغيبوبة شُعَاع الشَّمْسِ عنه ، وإنما كان إشراقه وظهوره من المشرق الحقيقي ولكنه كان مختفياً بشعاع الشمس .
قوه : { فَبِئْسَ القرين } والمخصوص بالذم محذوف أي أنت . قال أبو سعيد الخدري : «إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير بِهِ إلى النار »{[49860]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.