سورة الواقعة مكية وآياتها ست وتسعون ، نزلت بعد سورة طه ، وسميت سورة الواقعة لقوله تعالى { إذا وقعت الواقعة } . والواقعة من أسماء يوم القيامة . وقد اشتملت السورة على تفصيل أحوال الناس يوم القيامة ، فبدأت بالحديث عن وقوع القيامة ، والأحداث التي تصحب وقوعها . ثم أخبرت أن الناس في ذلك اليوم ثلاثة أصناف ، أصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ، والمقرّبون أصحاب الدرجات العالية . ثم فصّلت عما أعد الله لكل صنف من نعيم يلائم منزلته ،
بعد ذلك بينت الآيات مظاهر نعم الله تعالى ، وآثار قدرته في بديع صنعه في خلق الإنسان ، والزرع ، وإنزال الماء من الغمام . وما أودعه الله في الشجر من النار التي تخرج منه ، وما تقتضيه هذه الآثار الباهرة من تعظيم العلي القدير وتقديسه .
ثم يقسم الله تعالى ذلك القسَم العظيم بمواقع النجوم ، { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ، لا يمسه إلا المطهرون ، تنزيل من رب العالمين } ليدل على مكانة القرآن الكريم ، وما يستحقه من تعظيم وتقديس . ثم نعى على الكفار سوء صنيعهم من جحودهم وكفرهم بدلا من أن يشكروا الله تعالى على إيجادهم وخلق كل شيء لهم . ثم جاء الكلام بعد ذلك بإجمال ما فصّلته الآيات عن الأصناف الثلاثة وما ينتظر كل صنف من نعيم أو جحيم .
وخُتمت السورة بتأكيد أن كل ما جاء فيها هو اليقين الصادق ، والحق الثابت ، وأمرت الرسول الكريم والمؤمنين بقوله تعالى : { فسبح باسم ربك العظيم } وكان ختامها مسك الختام .
مكية إلا آيتي 81 و82 فمدنيتان وآياتها 96 نزلت بعد طه
روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ سورة الواقعة لم تصبه فاقة أبدا " ، ولما حضرت ابن مسعود الوفاة قيل له : ما تركت لبناتك ، قال : تركت لهن سورة الواقعة .
{ إذا وقعت الواقعة } يعني : إذا قامت القيامة فالواقعة اسم من أسماء القيامة ، تدل على هولها كالطامة والصاخة ، وقيل : الواقعة الصيحة وهي النفخة في الصور ، وقيل : الواقعة صخرة بيت المقدس ، تقع يوم القيامة وهذا بعيد .
سورة الواقعة{[1]}
مقصودها شرح{[2]} أحوال الأقسام الثلاثة المذكورة في الرحمن للأولياء من السابقين واللاحقين والأعداء المشاققين{[3]} من المصارحين والمنافقين{[4]} من الثقلين للدلالة على تمام القدرة بالفعل بالاختيار الذي دل عليه آخر الرحمن بإثبات الكمال [ و-{[5]} ] دل عليه آخر هذه بالتنزيه بالنفي لكل شيء به نقص ثم الإثبات بوصف العظمة بجميع الكمال من الجمال والجلال ، ولو استوى الناس لم يكن ذلك من بليغ الحكمة ، فإن استواءهم يكون شبهة لأهل الطبيعة ، واسمها الواقعة دال على ذلك بتأمل آياته وما يتعلق الظرف به ( بسم الله ) الذي له الكمال كله ففاوت بين الناس في الأحوال ( الرحمن ) الذي عم بنعمة البيان وفاضل في قبولها بين أهل الإدبار وأهل الإقبال ( الرحيم ) الذي أقبل{[6]} بأهل حزبه إلى{[7]} أهل قربه ففازوا بمحاسن الأقوال والأفعال .
لما صنف سبحانه الناس في{[62060]} تلك إلى ثلاث أصناف : مجرمين وسابقين ولاحقين ، وختم بعلة ذلك وهو أنه ذو الانتقام والإكرام ، شرح أحوالهم في هذه السورة وبين الوقت الذي يظهر فيه إكرامه وانتقامه بما ذكر في الرحمن غاية الظهور فقال بانياً على ما أرشده السياق إلى أن تقديره : يكون ذلك كله كوناً يشترك في علمه الخاص والعام : { إذا وقعت الواقعة * } أي التي لا بد من وقوعها ولا واقع يستحق أن يسمى الواقعة بلام الكمال وتاء المبالغة غيرها ، وهي النفخة الثانية التي يكون عنها البعث الأكبر الذي هو القيامة الجامعة لجميع الخلق للحكم بينهم على الانفراد الظاهر الذي لا مدعى للمشاركة فيه بوجه من الوجوه ، ويجوز أن يكون { إذا } منصوباً بالمحذوف لتذهب النفس فيه كل مذهب ، فيكون أهول{[62061]} أي إذا وقعت كانت{[62062]} أموراً يضيق عنها{[62063]} نطاق الحصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.