صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يقولون أئنا . . . } أي يقولون إذا قيل لهم إنكم تبعثون – منكرين له ومتعجبين منه - : أنرد إلى الحياة التي كنا فيها بعد أن نموت ونفنى ! ؟ يقال : رجع فلان في حافرته وعلى حافرته ، أي طريقه التي جاء فيها فحفرها بمشيه ؛ ثم كنى به عن الرجوع إلى الأحوال التي كان عليها الإنسان من قبل . ثم أكدوا ذلك بقولهم : { أإذا كنا عظاما نخرة }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

" يقولون أئنا لمردودون في الحافرة " أي يقول هؤلاء المكذبون المنكرون للبعث ، إذا قيل لهم إنكم تبعثون ، قالوا منكرين متعجبين : أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر ، فنعود أحياء كما كنا قبل الموت ؟ وهو كقولهم : " أئنا لمبعوثون خلقا جديدا " يقال : رجع فلان في حافرته ، وعلى حافرته ، أي رجع من حيث جاء . قاله قتادة . وأنشد ابن الأعرابي :

أحافرةً على صَلَع وشَيْبٍ *** مَعَاذَ الله من سَفَهٍ وعاَرِ

يقول : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل والصبا بعد أن شبت وصلعت ! ويقال : رجع على حافرته : أي الطريق الذي جاء منه . وقولهم في المثل : النقد عند الحافرة . قال يعقوب : أي عند أول كلمة . ويقال : ألتقي القوم فاقتتلوا عند الحافرة . أي عند أول ما التقوا . وقيل : الحافرة العاجلة ، أي أئنا لمردودون إلى الدنيا فنصبر أحياء كما كنا ؟ قال الشاعر :

آليتُ لا أنساكم فاعلمُوا *** حتى يُرَدَّ الناسُ في الحَافِرهْ

وقيل : الحافرة : الأرض التي تحفر فيها قبورهم ، فهي بمعنى المحفورة ، كقوله تعالى : " ماء دافق " و " عيشة راضية " . والمعنى أئنا لمردودون في قبورنا أحياء . قاله مجاهد والخليل والفراء . وقيل : سميت الأرض الحافرة ؛ لأنها مستقر الحوافر ، كما سميت القدم أرضا ؛ لأنها على الأرض . والمعنى أئنا لراجعون بعد الموت إلى الأرض فنمشي على أقدامنا . وقال ابن زيد : الحافرة : النار ، وقرأ " تلك إذا كرة خاسرة " . وقال مقاتل وزيد بن أسلم : هي اسم من أسماء النار . وقال ابن عباس : الحافرة في كلام العرب : الدنيا . وقرأ أبو حيوة : " الحفرة " بغير ألف ، مقصور من الحافر . وقيل : الحفرة : الأرض المنتنة بأجساد موتاها ، من قولهم : حفرت أسنانه ، إذا ركبها الوسخ من ظاهرها وباطنها . يقال : في أسنانه حفر ، وقد حفرت تحفر حفرا ، مثل كسر يكسر كسرا إذا فسدت أصولها . وبنو أسد يقولون : في أسنانه حفر بالتحريك . وقد حفرت مثال تعب تعبا ، وهي أردأ اللغتين ، قاله في الصحاح .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أئذا كنا عظاما نخرة } هذا حكاية قول الكفار في الدنيا ، ومعناه : على الجملة إنكار البعث فالهمزة في قوله : { أئنا لمردودون } للإنكار ولذلك اتفق العلماء على قراءته بالهمزتين إلا أن منهم من سهل الثانية ومنهم من خففها واختلفوا في إذا كنا عظاما نخرة فمنهم من قرأه بهمزة واحدة لأنه ليس بموضع استفهام ولا إنكار ومنهم من قرأه بهمزتين تأكيدا للإنكار المتقدم ثم اختلفوا في معنى الحافرة على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنها الحالة الأولى يقال رجع فلان في حافرته إذا رجع إلى حالته الأولى فالمعنى أئنا لمردودون إلى الحياة بعد الموت .

والآخر : أن الحافرة الأرض بمعنى : محفورة فالمعنى : أئنا لمردودون إلى وجه الأرض بعد الدفن في القبور .

والثالث : أن الحافرة النار والعظام النخرة البالية المتعفنة وقرئ ناخرة بألف وبحذف الألف وهما بمعنى واحد إلا أن حذف الألف أبلغ لأن فعل أبلغ من فاعل وقيل : معناه العظام المجوفة التي تمر بها الريح فيسمع لها نخير والعامل في إذا كنا محذوف تقديره إذا كنا عظاما نبعث ويحتمل أن يكون العامل فيه مردودون في الحافرة ولكن إنما يجوز ذلك على قراءة إذا كنا بهمزة واحدة على الخبر ولا يجوز على قراءته بهمزتين لأن همزة الاستفهام لا يعمل ما قبلها فيما بعدها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

ولما وصفها{[71351]} بالاضطراب والذل ، علله ليعرف منه أن من يقول ضد قولهم يكون له ضد وصفهم من الثبات والسكون والعز الظاهر فقال : { يقولون } أي في الدنيا قولاً يجددونه كل وقت من غير خوف ولا استحياء استهزاءً وإنكاراً . { أإنا لمردودون } أي بعد الموت ممن يتصف{[71352]} بردنا كائناً من كان { في الحافرة * } أي في الحياة التي كنا فيها قبل الموت هي حالتنا الأولى ، من قولهم : رجع فلان في حافرته ، أي{[71353]} طريقته التي جاء بها فحفرها أي أثر فيها بمشيه كما تؤثر الأقدام ، والحوافر في الطرق{[71354]} ، أطلق على المفعولة{[71355]} فاعلة مبالغة وذلك حقيقته{[71356]} ، ثم قيل لمن كان في أمر فخرج{[71357]} منه ثم رجع إليه : رجع إلى{[71358]} حافرته ، وقيل : الحافرة الأرض التي هي محل الحوافر .


[71351]:من ظ و م، وفي الأصل: وصفهم.
[71352]:من ظ و م، وفي الأصل: اتصف.
[71353]:زيد في الأصل و ظ: في، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[71354]:من ظ و م، وفي الأصل: لطريق.
[71355]:من ظ و م، وفي الأصل: المفعول.
[71356]:من ظ و م، وفي الأصل: حقيقه.
[71357]:من م، وفي الأصل و ظ: تخرج.
[71358]:من ظ و م، وفي الأصل: في.