الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَتۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ إِنِّيٓ أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَٰبٞ كَرِيمٌ} (29)

ثم قال : { قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم }[ 29 ] ، في الآية اختصار وحذف ، والتقدير فذهب الهدهد بكتاب سليمان فألقاه إليها ، فلما قرأته قالت : يا أيها الملأ : تريد أشراف قومها .

/قال ابن عباس : كتب سليمان إليها بسم الله الرحمن الرحيم : من سليمان بن داود إلى بلقيس ابنة اليشرح الحميرية : { ألا تعلوا علي واتوني{[52171]} مسلمين }[ 31 ] ، أي لا تتعظموا عن طاعتي وأتوني{[52172]} مسلمين فذهب الهدهد بالكتاب فانتهى{[52173]} إليها ظهيرة وهي قائلة في قصرها ، وقد غلقت عليها{[52174]} الأبواب ، فلا يصل إليها شيء{[52175]} ، والحرس حول قصرها{[52176]} . وكان لها من قومها اثني عشر ألف مقاتل ، كان كل رجل منهم على مائة ألف سوى نسائهم وذراريهم{[52177]} . وكانت تخرج إلى قومها{[52178]} فتقضي بينهم في أمورهم ، وحوائجهم ، في{[52179]} كل جمعة يوما{[52180]} ، قد{[52181]} جعلت على عرشها أربعة أعمدة من ذهب ، ثم جعلت عليه حريرة تجلس{[52182]} خلفها فهي تراهم ولا يرونها ، فإذا أراد الرجل منهم{[52183]} قام بين يديها فنكس رأسه ولا ينظر إليها ، ثم يسجد ولا يرفع رأسه حتى تأذن له إعظاما لها . فإذا قضت حوائجهم{[52184]} أمرت بأمرها ودخلت قصرها فلم يروها{[52185]} إلى مثل ذلك اليوم . وكان ملكها ملكا عظيما ، فلما أتاها الهدهد بالكتاب ، وجد الأبواب قد غلقت دونها{[52186]} والحرس حوالي قصرها{[52187]} ، فدار الهدهد حوالي{[52188]} القصر يطلب{[52189]} السبيل إليها حتى وصل إليها من كوة في القصر فدخل منها إلى بيت ثم مر من بيت إلى بيت حتى انتهى إليها في أقصى سبعة أبواب على عرشها مستلقية ، نائمة ليس عليها إلا خرقة{[52190]} على عورتها وكذلك كانت تصنع إذا نامت{[52191]} ، فوضع الكتاب إلى جنبها على العرش ثم تولى{[52192]} فوقع في{[52193]} كوة ينتظرها حتى تقرأ الكتاب فمكث طويلا لا تستيقظ ، فلما أبطأ عليه ذلك انحط ، فنقرها نقرة فاستيقظت ، فبصرت بالكتاب إلى جنبها على السرير فأخذته وفزعت ، وجعلت تنظر ما حال{[52194]} الكتاب ، وكيف وصل الكتاب إليها{[52195]} فإذا الأبواب مغلقة{[52196]} ، فخرجت فإذا الحرس حوالي{[52197]} القصر ، فقالت هل{[52198]} رأيتم أحدا دخل علي أو{[52199]} فتح بابا ؟ قالوا : لا ، أما رأيت الأبواب مغلقة كما هي ونحن{[52200]} حوالي{[52201]} القصر ، ففتحت الكتاب ، وكان مطبوعا فقرأته لم تشك أنه من السماء سقط{[52202]} عليها فأرسلت إلى قومها وشاورتهم كما قص الله علينا في كتابه{[52203]} . قال وهب بن منبه : كتب سليمان مع الهدهد { بسم الله الرحمن الرحيم } : من سليمان بن داود إلى{[52204]} بلقيس وقومها : أما بعد ، فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين . فأخذ الهدهد الكتاب برجله فانطلق به حتى أتاها ، كانت لها كوة في بيتها إذا طلعت الشمس نظرت إليها فسجدت لها ، فأتى الهدهد الكوة فسدها بجناحه حتى ارتفعت الشمس ولم تعلم من{[52205]} ألقى الكتاب من الكوة فوقع عليها في مكانها الذي هي فيه فأخذته{[52206]} .

وقال قتادة : كان أولو مشورتها{[52207]} ثلاث مائة واثني عشر ، كل رجل منهم على عشرة آلاف ، وكانت بأرض يقال لها مأرب{[52208]} من صنعاء على ثلاثة أيام{[52209]} . ومعنى وصفها للكتاب بالكريم أنه{[52210]} كان مطبوعا .

وقيل : وصفته بذلك لحسن ما فيه واختصاره .


[52171]:ز: وايتينوني.
[52172]:وايتوني.
[52173]:ز: وانتها.
[52174]:"عليها" سقطت من ز.
[52175]:ز: بشيء.
[52176]:ز: قصره.
[52177]:ز: وذرياتهم.
[52178]:ز: قومه.
[52179]:"في" سقطت من ز.
[52180]:ز: يوم.
[52181]:ز: وقد.
[52182]:بعدها في ز: "من".
[52183]:بعدها في ز: الحاجة.
[52184]:ز: حوائجها.
[52185]:ز: يرونها.
[52186]:ز: دونه.
[52187]:ز: القصر.
[52188]:ز: حول.
[52189]:ز: فطلب.
[52190]:ز: خرقها.
[52191]:ز: أنامت.
[52192]:ز: تول.
[52193]:ز: على.
[52194]:ز: حول.
[52195]:"إليها" سقطت من ز.
[52196]:بعدها في ز: على حالها.
[52197]:ز: حول.
[52198]:"هل" سقطت من ز.
[52199]:"الواو" من "أو" سقطت من ز.
[52200]:ز: ونحرص.
[52201]:ز: إلى.
[52202]:"سقط" سقطت من ز.
[52203]:"في كتابه" سقطت من ز.
[52204]:ز: حال.
[52205]:ز: ما.
[52206]:ابن جرير19/152.
[52207]:ز: هل مسورتها.
[52208]:توجد بين حضرموت وصنعاء، وبينها وبين صنعاء أربعة أيام، وهي قرية ليس بها عامر إلا ثلاثة قرى يقال لها الدروب إلى قبيلة اليمن. انظر: معجم البلدان5/34.
[52209]:ابن جرير19/152.
[52210]:ز: لأنه.