الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

ثم قال : { ألا يسجدوا لله }{[52098]}-{[52099]}[ 25 ] أن{[52100]} من { ألا }{[52101]}في موضع نصب على البدل من الأعمال عند{[52102]} : اليزيدي . وقال : أبو عمرو والكسائي ، " أن " في موضع خفض بدل من السبيل ، ويجوز أن يعمل فيها " يهتدون " .

وقرأ الكسائي{[52103]} : ألا بالتخفيف ، على معنى : ألا يا هؤلاء اسجدوا ، فجعلها : " ألا " التي للتنبيه ، ويا : حرف نداء ، واحتج الكسائي أن في حرف{[52104]} أبي وابن مسعود : " هلا يسجدوا " فهلا تحقيق{[52105]} وأن اسجدوا{[52106]} أمر ، واحتج أيضا أن{[52107]} السجود هنا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن شدد{[52108]} لا يلزمه سجود ، لأنه خبر عن قوم أنهم لم يسجدوا ، وليس هو أمر . وليس فيه{[52109]} بمعنى{[52110]} الأمر . ومن الدليل على{[52111]} صحة قراءة الجماعة ، حذف الألف من يا{[52112]} من الخط ، وحذف ألف الوصل من اسجدوا ويدل على ذلك أنه كله من كلام الهدهد وحكايته . ولم يكن في الوقت أحد يؤمر بالسجود فيكون هذا أمرا{[52113]} له{[52114]} ، ولا يلزم ترك السجود{[52115]} على قراءة الجماعة ، لأنه لما أخبر أنهم لا يسجدون ، وجب لمن يؤمن بالله أن يسجد لله عند ذكر{[52116]} تركهم للسجود{[52117]} تعظيما لله ، وخلافا لما فعلوا من ترك السجود .

وقوله : { ألا يسجدوا{[52118]} }[ 25 ] قيل : هو من قول الله جل ذكره ينبه عباده أن السجود لا يصلح إلا لله .

واختلف العلماء في سجود القرآن ، ويقال لها : عزائم القرآن . فكان ابن عمر ، وابن عباس يقولان : سجود القرآن إحدى عشرة سجدة : في الأعراف ، والرعد ، والنحل ، وبني إسرائيل ، ومريم ، والحج ؛ أولها ، والفرقان/ والنمل ، وآلم السجدة ، وص ، وحم السجدة ، وهذا مذهب مالك . قال مالك في الموطأ من رواية ابن القاسم : أجمع{[52119]} الناس على أن عزائم سجود القرآن إحدى عشر{[52120]} سجدة ليس{[52121]} في المفصل منها شيء . يعني بقوله{[52122]} أجمع{[52123]} الناس : أهل المدينة .

وقد روي عن ابن عباس : أنه أسقط ص{[52124]} وجعلها عشرة .

ومذهب{[52125]} الشافعي : أنها أربع عشرة سجدة زاد في الحج آخرها ، وفي والنجم{[52126]} ، وإذا السماء انشقت ، واقرأ باسم ربك ، ونقص سجدة ( ص ) وكذلك قال أبو ثور ، إلا أنه أثبت السجود في ( ص ) وأسقطه{[52127]} من و{[52128]} النجم .

وقال إسحاق : سجود القرآن خمس{[52129]} عشرة سجدة ، زاد على مذهب الشافعي سجدة أخرى{[52130]} في الحج ، واختلفوا في الموضع الذي يسجد فيه{[52131]} في ( حم ) السجدة . فقال ابن عباس ، وابن عمر{[52132]} والحسن البصري ، وابن سيرين : يسجد آخر قوله{[52133]} : { إياه تعبدون }{[52134]} وقد حكى ذلك عن مسروق عن أصحاب ابن مسعود ، وبه قال مالك والليث بن سعد .

وقال ابن المسيب ، والنخعي ، والثوري ، وابن أبي ليلى وإسحاق : يسجد عند آخر قوله : { وهم لا يسئمون }{[52135]} . وقد روي ذلك أيضا : عن ابن عباس ، وابن سيرين ، وفي سجود القرآن فضل عظيم .

روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال{[52136]} : إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله أمر هؤلاء ، أو هذا بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار .

وروت{[52137]} عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم{[52138]} : كان يقول في سجود القرآن : سجد وجهي للذي خلقه ، وشق سمعه{[52139]} وبصره بحوله وقوته .

وكره مالك السجود بعد العصر حتى تغرب الشمس ، ولا يسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ، وإذا كان القارئ في الصلاة فسجد ، سجد{[52140]} بغير تكبير ، ويرفع رأسه بتكبير ، فإن{[52141]} كان في غير صلاة لم يكبر في الرفع ولا قبله ، وعلى من سمع قراءة السجدة أن يسجد مع الإمام . وقوله : { الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض }[ 25 ] ، أي يخرج المخبوء{[52142]} في السماوات من غيث{[52143]} ، والأرض من نبات .

وقال مجاهد : هو الغيث{[52144]} .

وقال ابن{[52145]} زيد : خبء{[52146]} السماوات المطر ، وخبء الأرض النبات .

وقال قتادة{[52147]} : الخبء : السر ، " وفي " في موضع " من " .

ثم قال : { ويعلم ما يخفون وما يعلنون }[ 25 ] ، أي يعلم{[52148]} ما يسرون وما يظهرون .


[52098]:ز: ألا.
[52099]:بعده في ز: "الذي يخرج الخبء".
[52100]:انظر: إملاء ما من به الرحمن ص468، والمشكل 2/533.
[52101]:"من ألا" سقطت من ز.
[52102]:"عند" سقطت من ز.
[52103]:انظر: كتاب السبعة ص480، والكشف 2/256.
[52104]:انظر: شواذ القرآن ص110، وكتاب المصاحف ص:77.
[52105]:ز: تحضيض.
[52106]:ز: واسجدوا.
[52107]:بعدها في ز: في.
[52108]:ز: شدده.
[52109]:ز: ولا.
[52110]:ز: معنى.
[52111]:ز: عن.
[52112]:"من يا" سقطت من ز.
[52113]:ز: أمر.
[52114]:بعده في ز: بالسجود.
[52115]:"ولا يلزم ترك السجود" سقط من ز.
[52116]:ز: عن ذكره.
[52117]:ز: السجود.
[52118]:بعده في ز: "الله الذي يخرج".
[52119]:ز: اجتمع.
[52120]:ز: عشرة.
[52121]:ز: أو ليس.
[52122]:"بقوله" سقطت من ز.
[52123]:ز: اجتمع.
[52124]:"ص" سقطت من ز. ع: "صاد".
[52125]:ز: وذهب.
[52126]:ز: "وفي النجم".
[52127]:ز: وأسقط.
[52128]:"الواو" من "والنجم" سقطت من ز.
[52129]:ع: "خمس عشر"، ز: "خمسة عشر" تحريف.
[52130]:ز: واحدة.
[52131]:"فيه" سقطت من ز.
[52132]:"فيه" سقطت من ز.
[52133]:ز: من قوله.
[52134]:فصلت: 37.
[52135]:فصلت: 37.
[52136]:انظر: أحمد6/443، وابن ماجه1/334، حديث1052 باب سجود القرآن.
[52137]:انظر: أحمد 1/95-106-306 والترمذي5/489، باب ما يقول في سجود القرآن.
[52138]:ز: أنه عليه السلام.
[52139]:ز: بسمعه.
[52140]:ز: يسجد.
[52141]:ز: وإن.
[52142]:ز: الخبء.
[52143]:"من غيث" سقط من ز.
[52144]:ابن جرير19/150، والدر19/352 وفيه "الغيث".
[52145]:ابن جرير9/150، والدر19/353.
[52146]:"من خبء....ثم قال و" سقط من ز.
[52147]:انظر: القرطبي13/187.
[52148]:في ز: "يعلم" ساقطة.