الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا} (45)

ثم قال تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا } أي : لو عجل الله عقوبة بني آدم الآن بظلمهم لم يبق أحد إلا هلك ، ولكن يؤخر عقابهم إلى وقت معلوم ، وهو الأجل المسمى الذي لا يتجاوزونه ولا يتقدمون قبله .

قال قتادة : فعل الله ذلك بهم مرة في زمن نوح فأهلك ما على ظهر الأرض من دابة ، إلا ما حمل نوح في السفينة {[56293]} .

قال أبو عبيدة : " من دابة " يعني الناس {[56294]} .

وقيل : هو الناس وغيرهم مما يدب .

قال ابن مسعود ، كاد الجعل {[56295]} يعذب بذنب بني آدم ثم تلا : { ولو يؤاخذ الله الناس } {[56296]} الآية .

وذكر ابن وهب عن الليث بن سعد أنه قال : إن رجلا زنى بامرأة في عهد ( موسى ) {[56297]} عليه السلام فمات في تلك الليلة لذنبهما مائة ألف من بني إسرائيل ، فدل الله هارون على مكانهما فانتظمهما بحربة ، ثم أقبل بهما على بني إسرائيل ، وأقبل الدم حتى إذا دنا من يد هارون استدار حتى عاد كالترس ولم يصب الدم من يد هارون .

ثم قال : { فإن الله كان بعباده بصيرا } أي : إذا جاء وقتهم فهو تعالى بصير بمن يستحق العقوبة ومن يستوجب الكرامة .


[56293]:انظر: جامع البيان 22/147 والجامع للقرطبي 14/361
[56294]:انظر: مجاز أبي عبيدة ولفظه "مجاز دابة هاهنا: إنسان " 2/156
[56295]:الجعل دويبة سوداء تكون في المواضع الندية: انظر: التاج مادة "جعل" 7/257
[56296]:انظر: تفسير ابن كثير 3/562 والدر المنثور 7/36، وفتح القدير 4/357 وتفسير ابن مسعود 2/20
[56297]:مثبت في طرة أ