الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَـٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ رَّبَّنَا عَلَيۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَإِلَيۡكَ أَنَبۡنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ} (4)

ثم قال : { قد كانت لكم إسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم } {[68184]} الآية [ 4 ] .

أي : قد كانت لكم أيها المؤمنون قدوة حسنة تقتدون بها في إبراهيم صلى الله عليه وسلم {[68185]} خليل الرحمن عز وجل {[68186]} والذين معه {[68187]} .

قال ابن زيد هم الأنبياء إذ قالوا لقومهم يعني الكفار : { إنا برءاء منكم } أي : متبرئون منكم ومما تعبدون من دون الله من الأصنام {[68188]} .

{ كفرنا بكم } أي : أنكرنا ما أنتم عليه من الكفر .

{ وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا } أي : وظهرت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء على كفركم أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده فتفردوه بالعبادة .

ثم قال : { إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن } أي : قد كانت لكم أسوة حسنة في هؤلاء المذكورين إلا في قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك فإنه لا أسوة لكم في ذلك ، لأن ذلك كان من إبراهيم لأبيه عن موعدة وعدها إياه قبل أن يتبين له أنه عدو الله ، وذلك أن أبا إبراهيم وعد إبراهيم أن يؤمن ، فكان إبراهيم يدعو له ويقول : اللهم اهد أبي ، فلما مات على الكفر تبرأ منه وهو قوله : { فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه } {[68189]} {[68190]} وكذلك {[68191]} أنتم أيها المؤمنون يجب لكم أن تتبرءوا من أعداء الله المشركين به ولا تتخذوهم أولياء حتى يؤمنوا .

قال مجاهد : نهوا أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا لآبائهم المشركين ، وهو معنى قول قتادة ومعمر وابن زيد {[68192]} .

وقوله : { إلا قول إبراهيم لأبيه } استثناء ليس من الأول {[68193]} .

ثم قال : { وما أملك لك من الله من شيء } [ أي : ما أدفع عنك عقوبة الله لك على كفرك ، ثم قال : {[68194]} ] .

{ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير } .

أي : عليك توكلنا في جميع أمورنا ، وإليك رجعنا وتبنا مما تكره إلى ما تحب وترضى .

{ وإليك المصير } أي : مصيرنا يوم القيامة {[68195]} . {[68196]}


[68184]:ع،ج: "بزيادة": {إنا برءاء منكم ومما تعملون من دون الله}.
[68185]:ساقط من ع، ج.
[68186]:ساقط من ع، ج.
[68187]:انظر: معاني الفراء 3/149.
[68188]:انظر: جامع البيان 28/41، وتفسير القرطبي 18/56.
[68189]:ع: ت"له".
[68190]:التوبة: آية 115.
[68191]:ع، ج: "فكذلك".
[68192]:انظر: جامع البيان 28/41 وتفسير مجاهد 655، وتفسير القرطبي 18/57، وابن كثير 4/349.
[68193]:انظر: معاني الأخفش 2/708، وإعراب النحاس 4/413.
[68194]:ساقط من ح.
[68195]:ع، ج: "وإليك مصيرنا يوم القيامة".
[68196]:انظر: إعراب النحاس 4/413.