الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمان الرحيم

سورة الممتحنة{[1]}

مدنية{[2]}

{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم } {[68126]} {[68127]} الآية [ 1 ] .

أي : يأيها الذين صدقوا محمدا وما جاء به لا توالوا المشركين ولا تناصحوهم ولا تودوهم ، يعني أهل مكة ( وهم من ) {[68128]} كفروا بما جاءكم من الحق ، يعني القرآن .

{ يخرجون الرسول وإياكم } يعني : من مكة من أجل إن آمنتم بالله ربكم .

{ إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي } أي : إن كنتم على صحة ويقين اعتقادا أنكم خرجتم جهادا {[68129]} مجاهدين في الله عز وجل {[68130]} ، وابتغاء مرضاته سبحانه {[68131]} فلا تودوا المشركين وتناصحوهم وتسرون إليهم بالمودة .

{ وأنا أعلم بما أخفيتم و ما أعلنتم } أي : بسركم وعلانيتكم في مناصحتكم وصحبتكم {[68132]} لهم وغير ذلك .

{ ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } أي : ومن يودهم وينصحهم فقد جار عن قصد الطريق المستقيم {[68133]} .

والباء في " بالمودة " زائدة عند الفراء ، وهي متعلقة بالمصدر عند البصريين {[68134]} .

ويروى أن هذه الآية [ نزلت ] {[68135]} في شأن حاطب بن أبي بلتعة كان قد كتب إلى مشركي مكة يطلعهم على أمر النبي صلى الله عليه وسلم {[68136]} وخروجه إليهم {[68137]} .

قال علي {[68138]} رضي الله عنه : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد {[68139]} {[68140]} فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ {[68141]} فإن بها ظعينة {[68142]} معها كتاب فخذوه منها ، قال فانطلقنا نتعادى حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب ، قالت ما معي كتاب ، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين {[68143]} الثياب ، وقال علي لها : والله كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم {[68144]} ، قال فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم {[68145]} ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم {[68146]} : يا حاطب ما هذا ؟ فقال : يا رسول الله لا تعجل علي {[68147]} أني كنت أمرا ملحقا إلى قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم ، فأحببت إذا فاتني ذلك النسب أن أتخذ عندهم يدا يحمونني بها في قرابتي ولم أرد ارتدادا عن ديني ولا رضى {[68148]} بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {[68149]} أما أنه قد صدقكم ، فقال عمر ، دعني يا رسول الله أضرب {[68150]} عنق هذا المنافق : فقال : أما أنه شهد بدرا ، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت {[68151]} لكم ، قال سفيان :

فنزلت هذه الآية {[68152]} : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء {[68153]} } إلى قوله : { سواء السبيل } {[68154]} .

ومعنى : { ومن يفعله منكم } أي : في المستقبل ، وقد ذكر معنى هذا الحديث عروة بن الزبير وابن عباس وقتادة ومجاهد ( أن مجاهدا قال : نزلت {[68155]} ) في ابن بلتعة وقوم معه كتبوا إلى أهل مكة يحذرونهم {[68156]} .

ويروى : أنه كان في كتابه/ إلى أهل مكة أن [ رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوكم مثل الليل والسيل وأقسم بالله {[68157]} ] لو عزاكم وحده لنصره الله عليكم فكيف وهو في جمع كثير .

ويروى {[68158]} : أنه خاطب أهل مكة يخبرهم بقصد النبي صلى الله عليه وسلم {[68159]} إليهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على هذا ، فقال : والله يا رسول الله ما نافقت منذ أسلمت ، ولكن لي بمكة أهل مستضعفون ليس لهم من يعرفهم {[68160]} ويذب عنهم ، فكتبت كتابي هذا أتقرب به من قلوبهم وأنا أعلم أنه لا ينفعهم {[68161]} وأن الله بالغ أمره ، فعذره {[68162]} النبي صلى الله عليه وسلم {[68163]} وصدقه ، وأراد عمر ضرب عنقه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم {[68164]} ما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم {[68165]} .

قال أبو حاتم : ليس من أولها وقف تام إلى { وما أعلنتم } {[68166]} .

وقال محمد بن {[68167]} عيسى : { أولياء } وقف ، وقال غيره : إن جعلت { تلقون } {[68168]} نعتا " لأولياء " لم تقف {[68169]} على " أولياء " وإن جعلته مبتدأ وقفت على " أولياء " {[68170]} .

وقال القتبي : { بالمودة } {[68171]} : التمام .

[ قال يعقوب {[68172]} ] : و { إياكم } وقف كاف {[68173]} .

وقال أبو حاتم : هو وقف بيان {[68174]} .

قال القتبي : هو تمام ، ولا يصح هذا لأن {[68175]} " وإن تؤمنوا " معمولة " ليخرجون {[68176]} " {[68177]} .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[68126]:ع، ج: "قوله تعالى يا أيها".
[68127]:ع، ج: "بزيادة": "أولياء تلقون إلى آخرها".
[68128]:ع، ج: "وهو قدم".
[68129]:ساقط من ع، ج.
[68130]:ساقط من ع، ج.
[68131]:ساقط من ع، ج.
[68132]:ع، ج: "ومحبتكم".
[68133]:ساقط من ع.
[68134]:انظر: إعراب النحاس 4/410، والتبيان في إعراب القرآن 2/1217. والكشاف 4/512، والبيان في غريب إعراب القرآن 2/432. والبحر المحيط 8/252، والإملاء 2/137.
[68135]:ساقط من ح.
[68136]:ساقط من ع، ج.
[68137]:انظر: جامع البيان 28/38، وأسباب النزول 315، وابن كثير 4/345.
[68138]:ع،ج: "علي بن أبي طالب".
[68139]:ع،ج: "والمقداد والزبير".
[68140]:المقداد بن عمرو ويعرف بابن الأسود الكندي النهراني الحضرمي، أبو معبد صحابي من الأبطال، هو أحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر الإسلام روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنه علي وأنس وعبد الرحمن بن أبي ليلى وآخرون (ت 33 هـ). انظر: الجرح والتعديل 8/426، وحلية الأولياء 1/172، وصفة الصفوة 1/423، والإصابة 3/4054، وتهذيب التهذيب 10/285.
[68141]:ع: "حاح" وهو تصحيف.
[68142]:ع: ظعنة، وج: "ظعينة".
[68143]:ع، ج: "لتلقن".
[68144]:ساقط من ع.
[68145]:ساقط من ع.
[68146]:ع، ج: "رسول الله".
[68147]:ساقط من ع.
[68148]:ح: "رضاة".
[68149]:ساقط من ع.
[68150]:ع: بزيادة "صلى الله عليه وسلم"، وج: "صلى الله عليك".
[68151]:ح: "عفوت".
[68152]:ع: "الآيات".
[68153]:ساقط من ع، ج.
[68154]:أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الفتح 5/89 ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر (رضي الله عنهم) وقصة حاطب بن أبي بلتعة 16/55. والترمذي في كتاب التفسير، سورة الممتحنة الآية 5/82 (رقم 3360). وانظر الفتح للحافظ ابن حجر 8/633. وتحفة الأشراف للمزي (رقم 10227).
[68155]:ع: "فأنزلت".
[68156]:انظر: جامع البيان 28/39 – 40 وتفسير مجاهد 655.
[68157]:ساقط من ح.
[68158]:: ع،ج: "ويروا".
[68159]:ع، ج: "عليه السلام".
[68160]:ع: "يعزهم".
[68161]:ع: "لن".
[68162]:ج: "فعدوه".
[68163]:ع: "عليه السلام".
[68164]:ساقط من ع، ج.
[68165]:انظر: أسباب النزول 315، وهو قول الحسن في الدر المنثور 8/128.
[68166]:انظر: القطع 719، والمكتفى 564، ومنار الهدى 279.
[68167]:محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي البوغي الترمذي، من أئمة علماء الحديث وحفاظة، تتلمذ للبخاري وشاركه في بعض شيوخه وكان يضرب به المثل في الحفظ. انظر: تذكرة الحفاظ 2/233، وتهذيب التهذيب 9/387، والفهرست لابن النديم 339، والوافي بالوفيات 4/294.
[68168]:ع: "يلقون"، ج: "يقولون" وهو تحريف.
[68169]:ج: "ثم" وهو تحريف.
[68170]:انظر: القطع 719، والمكتفى 563، والكشاف 4/512، ومنار الهدى 279.
[68171]:ع، ج: "في المودة".
[68172]:ساقط من ح.
[68173]:انظر: القطع 719، والمكتفى 563، والمقصد 84، ومنار الهدى 279.
[68174]:انظر: القطع 719، و المكتفى 563، والمقصد 84.
[68175]:ح: "الآن أن".
[68176]:ع، ج: "لتخرجون".
[68177]:انظر: المكتفى 563.