تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَآئِنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ} (21)

الآية 21 : وقوله تعالى : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } يحتمل هذا ، والله أعلم { وإن من شيء } يخزن في الخلق { إلا عندنا خزائنه } أي إلا عندنا تلك الخزائن ، أي ما تحزنون من الأشياء فذلك{[9812]} عندنا ، وفي خزائننا .

[ وقوله تعالى ]{[9813]} : { وما ننزله إلا بقدر معلوم } على هذا { وما ننزله }وما نعطيه{ إلا بقدر معلوم } أي وإن كان عندكم مخزونا محبوسا [ فإن ذلك كله من ]{[9814]} خزائنه ، أعطى من شاء ، وحرم من شاء .

ويحتمل قوله : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } الخزائن ، وهي الأمكنة التي تخزن فيها الأموال ، وبواطن من الأرض . نقول ، والله أعلم ، { وإن من شيء } كان في بواطن الأرض وأمكنة خفية { إلا عندنا } تدبير ذلك وعلمه ؛ يخبر أن تدبيره وعلمه في الخفية من لأمكنة{[9815]} كهو في الظاهر ؛ لا يخرج شيء عن تدبيره ، بل كل ذلك في تدبيره وعلمه .

وقال الحسن : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } أي الماء الذي به جعل حياة كل شيء ، ولا يخرج شيء عن منافعه فهو خزانة{[9816]} الأشياء كلها ، وقوام كل شيء ، وقال : ألا ترى أنه قال : { وما ننزله إلا بقدر معلوم } وذكر الأنزال ، وهو الذي ينزل من السماء ظاهرا ؟ .

هذا الذي قاله محتمل . لكن تمامه أن يقال : إن الماء خزائنه والخزائن ، هي [ المواضيع التي ]{[9817]} تخزن فيه .

وفي الماء قوة ومعنى ، يكون فيه حياة الخلق ومنافعهم في ما جعل فيه لا في نفس الماء .

ألا ترى أنه يصيب عروق الشجر ، فتظهر منافعه في غصونها في أعلاها ؟ فثبت أن فيه قوة سرية ومعنى ، تكون المنافع بها لا بنفس الماء ، والله أعلم بذلك .

ثم ما ذكر من الخزائن والرياح والماء والمطر وغير ذلك من النعم يذكر على الاحتجاج عليهم ، لأنه إنما أنشأ هذه الأشياء وخلقها لهؤلاء لا أنه أنشأها لنفسها . فإذا كان أنشأها لهم ، فلا يحتمل أن يتركهم ، ولا يأمرهم ، ولا ينهاهم ، ولا يمتحنهم ، ولا يجعل لهم عاقبة ، يثابون ، ويعاقبون . ولذلك قال في آخر : { وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم } ( الحجر : 25 ) .

وقوله تعالى : { إلا بقدر معلوم } على التأويل الأول ما ذكرنا ، أي ما نعطيه { إلا بقدر معلوم } وإن خزنه ، وحبسه / 276 – أ / ويحتمل { إلا بقدر معلوم } بقدر سابق معلوم ذلك ، أي إن كان على هذا فإنه يدل على أن ( ما ){[9818]} يكون ، ويحدث ، إنما يكون بقدر سابق ، لا يكون غير ما سبق تقديره ، أو { بقدر معلوم } محدود ، أي ليس ينزل جزافا ، ولكن معلوما محدودا ، والله أعلم .


[9812]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[9813]:ساقطة من الأصل وم.
[9814]:في الأصل: فإنه ذلك كل، في م: فإن ذلك كله.
[9815]:من م، في الأصل: الأرض.
[9816]:في الأصل: خزائنه.
[9817]:في الأصل وم: الموضع الذي.
[9818]:من م، ساقطة من الأصل.