تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰٓ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (31)

الآيتان 30 و 31 وقوله تعالى : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون } { إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين } ظاهر الأمر بالسجود والاستثناء الذي ذكر أن إبليس من الملائكة لأن[ الأمر بالسجود كان فيهم ، ومنهم وقعت ]{[9849]} الثنيا ، وقد ذكرنا اختلافهم وأقاويلهم في ما تقدم مقدار ما حفظناه {[9850]} .

( [ ثم الأصل أن ]{[9851]} كل ما خرج مخرج الاستثناء يجب أن يسقط اسم ما أجمل نحو قول الرجل لآخر : لك علي عشرة ، إلا درهما ، يسقط الاستثناء ما أجمل من الاسم حتى صار تسعة . وكذلك إذا قال : ( لك علي ){[9852]} ألف إلا خمسين ، وإذا لم يسقط ذلك الاسم فلا بد أن يكون الكل فيه مضمرا نحو قول الرجل : رأيت علماء بلدة كذا إلا فلانا ؛ يجب أن يضمر فيه حرف الكل حتى يقع على كل نحو أن يقول : رأيت كل علماء بلدة كذا إلا فلانا ، فعلى ذلك تخصيص العموم .

وقال الحسن في قوله : { من صلصال من حمإ مسنون } ( الحجر : 26 ) قال : الصلصال : هو الطين الحر الذي يتصلصل من صلابته ويبوسته ، والحمأ الطين المسنون ، قال : { مسنون } خلقته ، فهو سنة للخلق بعده ، من ذريته أن يخلقوا على خلقته ، وكقوله : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } ( المؤمنون : 12 ) يقول : استلها من بين ظهراني الطين لا كل طين خلقه ، وكذلك قال في تناسل ذريته ، وهو قوله : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } ليس من كل ما خلقه ، ولكن استلها من بين ظهراني الماء .

وقال { والجان } إبليس هو أبو الجن { خلقناه من قبل } أي من قبل آدم { من نار السموم } ( الحجر : 27 ) يقول : السموم هو اسم من أسماء جهنم ، ولها {[9853]} أسماء كثيرة . أخبر أنه خلقه { من نار السموم } أي جهنم ، والله أعلم .


[9849]:في الأصل وم: فيهم كان الأمر بالسجود، ومنهم وقع.
[9850]:في تفسير الآية 45 من سورة البقرة.
[9851]:في الأصل وم: قال والأصل بأن.
[9852]:ساقطة من الأصل وم.
[9853]:في الأصل وم: وله.