اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ جَعَلۡنَا فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَزَيَّنَّـٰهَا لِلنَّـٰظِرِينَ} (16)

قوله : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السماء بُرُوجاً } الآية ، " جَعلْنَا " : يجوز أن يكون بمعنى " خَلقْنَا " فيتعلق به الجارُّ ، وأن يكون بمعنى صيَّرنا ؛ فيكون مفعوله الأول : " بُرُوجاً " ومفعوله الثاني : الجارَّ ، فيتعلق بمحذوفٍ ، و " للنَّاظِرينَ " متعلق ب " زَينَّاهَا " ، والضمير ل " السَّماءِ " أي : زيَّناها بالشَّمس ، والقمرِ ، والنجوم .

وقيل : للبروج : وهي الكواكب ، زيّنَّاها بالضوءِ ، والنظر عينيّ .

وقيل : قلبي وحذف متعلقة ؛ ليعُمَّ .

فصل في دلائل التوحيد السماوية والأرضية

لما أجاب عن منكري النبوة ، وقد ثبت أنَّ القول بالنبوةِ فرعٌ على القول بالتوحيد ، أتبعه –تعالى- بدلائل التوحيد وهي : منها سماويَّة ، ومنها أرضية ، فبدأ بذكر السماوية ، فقال -عز وجل- : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السماء بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } .

قال اللَّيثُ -رحمه الله- : البُرُوج واحدها بُرْج من بُروجِ الفلك ، والبُرُوج : هي النجوم الكبار ، مأخوذة من الظهور ، يقال : بَرجَتِ المرأةُ ، أي : ظهرت ، وأراد بها المنازل التي تنزلها الشمس ، والقمر ، والكواكب السيارة .

والعرب تعدُّ المعرفة بمواقعِ النُّجوم ، وأبوابها من أجلِّ العُلومِ ، ويستدلُّون بها على الطُّرقاتِ ، والأوقاتِ ، والخصب ، والجدْبِ ، وقالوا : الفلكُ : اثنَا عشر بُرْجاً ، كلُّ برجٍ ميلان ، ونصر للقمر .

وقال ابن عطية : هي قصورٌ في السماءِ ، وعليها الحرسُ .