الآية 45 : وقوله تعالى ]والله خلق كل دابة من ماء[ ( يحتمل وجهين : أحدهما : أنه ){[14150]} والله أعلم ، صلة قوله : ( ولله ملك السموات والأرض[ الآيات{[14151]} ( النور : 42 و 43و 44 ) ذكر السحاب وما فيه من التدبير والعلم والحكمة ، وذكر أيضا تقليبه الليل والنهار وما فيهما من التدبير والعلم والحكمة والقدرة .
فعلى ذلك قوله : ]والله خلق كل دابة من ماء[ يذكر قدرته وسلطانه وعلمه وتدبيره . أخبر أنه خلق الخلائق كلهم من هذا الماء على اختلاف أجناسهم وجواهرهم ، من شيء واحد ، أنهم لم يكونوا بالطباع كذلك ، ولكن بتدبير واحد عالم بذاته ، لا بعلم و تدبير مستفاد ، ولكن بعلم{[14152]} ذاتي ؛ إذ لو كانوا بالطباع لخرجوا على تقدير واحد وصفة واحدة .
والثاني : أنه لا أحد من حكماء البشر يدرك كيفية إنشاء هذا العالم وخلق هذه الخلائق من هذه المياه . فإنه خلق ذلك ، وليس في تلك المياه معنى ، ولا شيء من جواهر الخلائق .
دل إنشاؤه إياهم أنه قادر بذاته ، لا يعجزه شيء لخلق بسبب وبغير سبب ، وأنه خلق الخلائق بحكمة ذاتية ؛ إذ لم تدرك ذلك حكمة{[14153]} البشر .
ودل خلق هذه الخلائق على هذه المعاني والأسباب أنه لم يخلقهم عبثا ليتركهم سدى ، لا يأمرهم ، ولا ينهاهم . فإذا ثبت الأمر والنهي ثبت الإحياء من بعد الممات للجزاء .
ودلت قدرته على خلق هذه الخلائق من الماء أنه قادر على الإحياء ، وأنه لا يعجزه شيء ، لأن من قدر على هذا قادر على ما ذكرنا .
ثم قوله : ]فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع[ يذكر هذا ، والله أعلم ، لأحد وجهين : ( أحدهما : تذكيره إياهم ){[14154]} نعمه ومننه وفضله الذي أعطاهم وإحسانه الذي أحسن إليهم لأنه أخبر أنه خلق هذا العالم معتدلا سويا من غير أن كان منهم اختيار لذلك ، أو ( كانوا ){[14155]} يستوجبون ذلك قبله ، وخلق غيرهم من الدواب منكبين على وجوههم وماشين على بطونهم . وذلك أفضل منه ونعمة .
( والثاني : ذكر مثال لحال ){[14156]} الكفرة في الآخرة كقوله : ]أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى[ الآية ( الملك : 22 ) أخبر أن الكفرة يكونون منكبين على وجوههم ، وأهل الإسلام يمشون منتصبين مستوين .
( وقوله تعالى ){[14157]} : ]يخلق الله ما يشاء[ بسبب وبغير سبب ]إن الله على كل شيء قدير[ لأنه قادر بذاته لا بقدرة مستفادة من غيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.