تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا يَنۢبَغِي لَهُمۡ وَمَا يَسۡتَطِيعُونَ} (211)

[ الآيتان 210و211 ] وقوله تعالى : { وما تنزلت ب الشياطين } { وما ينبغي لهم وما يستطيعون } قال بعضهم : ما تنزلت بالقرآن الشياطين . فذلك جوابا لقول أهل مكة : إن محمدا كاهن ، معه رئي ، هو يأتيه بما يقول ، يعنون بالرئي الشيطان . وكانت الشياطين من قبل يقعدون من السماء مقاعد ، يستمعون فيها الوحي من الملائكة ، فينزلون به على الكهان ، فهم{[14844]} بين مصيب ومخطئ ، فقالوا : محمد كذلك ، فأكذبهم الله تعالى في مقالتهم تلك ، فقال : { وما تنزلت به } أي بالقرآن { الشياطين } { وما ينبغي لهم } أن ينزلوا بالقرآن ، وما كانوا يستطيعون ، أي قد حيل بينهم وبين السمع بالملائكة والشهب .

[ وفي قوله : { وما يستطيعون } { إنهم عن السمع لمعزولون } ]{[1]} دلالة أن من أراد أن يجعل القرآن حجة لغير الذي جعل هو حجة لم يقدر على النطق به ولا التلاوة نحو من يأت أفقا من آفاق الأرض ، لم ينته إليه{[2]} هذا القرآن ، فادعى{[3]} لنفسه النبوة ، وجعل يحتج بهذا القرآن ، فإنه لا يقدر على تلاوته ولا النطق لأنه إنما جعل حجة وبرهانا للمحق لا للمبطل حين{[4]} قال : { وما تنزلت به الشياطين } { وما ينبغي لهم } أن [ ينزلوا به ]{[5]} { وما يستطيعون } ذلك .


[14844]:- في الأصل وم: فمن.

[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[3]:- من ط ع، الواو ساقطة من الأصل.
[4]:- من ط ع، في الأصل: الشكر.
[5]:- من ط ع، في الأصل: ذا.