تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ} (223)

[ الآية 223 ] ثم أخبر عن صنيع الشياطين ، فقال { يلقون السمع وأكثرهم كاذبون } قال بعضهم : يلقي الشياطين بآذانهم إلى السمع في السماء لكلام الملائكة ؛ وذلك أن الله إذا أراد أمرا في الأرض علم به أهل السماء من الملائكة ، فيتكلمون به ، فيسمع الشياطين ذلك ، فيخبرون به الكهنة أهل الأرض بذلك ، فيقولون : إنه يكون في الأرض كذا وقت كذا .

ثم قال : { وأكثرهم كاذبون } على [ هذا التأويل ؛ أي ]{[14880]} : وأكثر الشياطين كاذبون في ما يخبرون الكهنة من أخبار السماء . وقال بعضهم : إن الجن كانوا يصعدون إلى السماء ، فيسترقون أسماعهم إلى السماء ، فيسمعون من أخبار أهلها ، ثم ينزلون به على الكهنة ، ويسمع الكهنة أيضا من أخبار الرسل ، ويخلطون ما سمعوا من الرسل من الحق بما سمعوا من الشياطين من الباطل ، فيحدثون الناس بذلك . فما كان من الرسل حق ، وما كان من الشياطين فيكون باطلا .

فذلك تأويل قوله : { وأكثرهم كاذبون } أي أكثر الكهنة كاذبون في ما يخبرون الناس في ما سمعوا من الشياطين .

وقال بعضهم : كانوا يسمعون من الجن حقا . لكنهم يخلطون من عند أنفسهم كذبا ، فيحدثون به الناس ، حتى إذا كان الناس يتركون ما يسمعون منهم من الكذب ، حدثوهم بذلك الحق الذي ينزل من السماء ، ويراجعونهم /387- أ/ ويصدقونهم ، فذلك قول الله : { وأكثرهم كاذبون } أي أكثر قولهم كذب ، والله أعلم بذلك .


[14880]:- في الأصل التأويل. في م: هذا التأويل.