تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ} (214)

[ الآية 214 ] وقوله تعالى : { وأنذر عشيرتك الأقربين } جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فخص ، وعم ، وقال : ( يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله ضرا و لا نفعا . وقال يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله ضرا و لا نفعا . وقال : يا معشر بني عبد مناف : أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله ضرا ولا نفعا . وكذلك قال لبني عبد المطلب ، وقال لفاطمة : يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك من الله ضرا ولا نفعا . ولكن لك رحم ، سأبلها ببلاها ) ( مسلم 204 ] أي سأصلها .

وفي بعض الأخبار أنه قال عند نزول هذه الآية : ( إني أرسلت إليكم بني هاشم وبني عبد المطلب خاصة ) [ عن عائشة مسلم 205 ] وهم الأقربون ، وهم إخوان ، أبناء عبد مناف .

وعن الحسن [ أنه ]{[14850]} قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أهل بيته قبل موته ، فقال ( ألا إن لي عملي ، ولكم عملكم ، ألا إني لا أملك لكم من الله شيئا ) ( ألا إن أوليائي منكم المتقون ، ألا لأعرفنكم/ 386- ب/ يوم القيامة : تأتونني بالدنيا ، تحملونها على رقابكم{[14851]} ويأتيني الناس بالآخرة ) [ ابن جرير الطبري في تفسيره : 19/ 123 ] .

وعن قتادة : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ليلة على الصفا ، يفخذ عشيرته فخذا فخذا ، يدعوهم إلى الله .

وقال{[14852]} في ذلك المشركون : ليأت هذا الرجل ، يُهَوِّتُ منذ الليلة ، يقول : يصيح . فأنزل الله في ذلك { قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى } الآية [ سبإ : 46 ] .

ومعنى التخصيص في إنذاره عشيرته{[14853]} في هذه الآية يحتمل وجهين ، وإن كانوا داخلين في جملة إنذار الناس جميعا في قوله : { للعالمين نذيرا } [ الفرقان : 1 ] إذ هم من العالمين :

أحدهما : جائز أن يكونوا هم يطمعون بشفاعة رسول الله يوم القيامة ، وإن لم يطيعوه ، ولم يجيبوه إلى ما يدعوهم إليه على ما روي عنه أنه قال : ( كل نسب وسبب منقطع يومئذ إلا نسبي وسببي ) [ الحاكم في المستدرك 3/142 ] . فيشبه أن يكونوا{[14854]} يطمعون بشفاعته يومئذ ، وإن خالفوه بحق القرابة والوصلة ما لا يطمع بذلك غيرهم من الناس إلا بالطاعة والإجابة .

فأمره أن ينذرهم لئلا يكلوا [ أمرهم ]{[14855]} إلى شفاعته . ولكن احتالوا حيلتهم بالطاعة والعمل لما يأمرهم ؛ وهو ما ذكر في الأخبار التي ذكرنا : ( إني لا أملك لكم من الله ضرا ولا نفعا ألا إن أوليائي منكم المتقون ) [ الطبري في تفسيره : 19/123 ] . أخبر أن [ لا ]{[14856]} ولاية لهم [ إذا لم ]{[14857]} يتقوا مخالفته .

والثاني{[14858]} :


[14850]:- ساقطة من الأصل وم.
[14851]:- في الأصل: ركابها، في م: رقابها.
[14852]:- الواو ساقطة من الأصل وم.
[14853]:- في الأصل وم: وعشيرته.
[14854]:- من م، في الأصل: يكون.
[14855]:- ساقطة من الأصل وم.
[14856]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14857]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14858]:- أشار الناسخ في الأصل وم في حاشيته أن بعد هذه الكلمة بياضا ليدل أن المؤلف لم يأت بالوجه الثاني.